يبدو أن تهديد سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتحويل أموال المقاصة لقطاع غزة، كبح جماح رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، من فرض أي عقوبات جديدة على القطاع التي هدد بفرضها مرارا وتكرارا في الآونة الأخيرة.
وتخشى حكومة الاحتلال من تدهور الأوضاع الإنسانية والمعيشية في القطاع، الأمر الذي من شأنه أن يفجر كارثة إنسانية تخشاها (إسرائيل) كونها المسؤولة عن غزة، مما دفع بها إلى تهديد السلطة باقتطاع أموال المقاصة، وهو الأمر الذي يقلق الأخيرة بشكل كبير.
وكشف أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، أن (إسرائيل) أبلغت السلطة الفلسطينية الأسبوع الماضي بتحويل أموال من "المقاصة" إلى قطاع غزة، إن لم تحوّل له كامل المخصصات السابقة، واستمرارها في فرض أي عقوبات جديدة على القطاع.
وتجبي السلطة عبر نظام المقاصة ضرائب بنحو 110 إلى 120 مليون دولار شهرياً من القطاع، تجبيها وزارة المال الإسرائيلية عن السلع الواردة شهرياً إلى فلسطين، بموجب بروتوكول باريس الاقتصادي الملحق باتفاق أوسلو، وتحوّلها إلى وزارة المالية الفلسطينية.
وشرعت السلطة الفلسطينية منذ مارس 2017 بسلسلة عقوبات اتجاه قطاع غزة كان أبرزها فرض خصومات على رواتب موظفيها في قطاع غزة والبالغ عددهم نحو 62 ألف موظف تراوحت بين 30-60%، إضافة إلى وقف امتيازات مالية أخرى مثل العلاوات الإشرافية والاجتماعية.
ورافق هذه الخصومات تقليص الدعم المقدم لقطاع الصحة الأمر الذي تسبب بأزمة في مشافي القطاع، بالإضافة لتقليص كمية الكهرباء بإيعاز من السلطة الفلسطينية إلى الجانب الإسرائيلي الذي أعاد الكميات المقلصة إلى القطاع بعد أشهر.
**********ردعت السلطة
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي د. حسام الدجني أن إبلاغ السلطة بصفقة رسمية يعني ان (إسرائيل) قد تحول المقاصة لغزة، وهو ما يُشكل حالة من الضغط على السلطة لرفع العقوبات؛ كون أن الاحتلال يخشى الانفجار في وجهه وكونه من يتحمل مسؤولية القطاع واي تدهور للأوضاع بغزة.
ويوضح الدجني في حديثه لـ"الرسالة" أن هذا التلويح شكل حالة ردع للسلطة، مدللا على ذلك بمخرجات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الذي انتهى دون الإعلان عن فرض أي عقوبات جديدة على القطاع، على خلاف التهديدات السابقة.
ويضيف: "عندما هددت السلطة بتحويل قيمة مساهمة الاتحاد الأوروبي لغزة وقيمة مقاصة غزة لغزة جن جنونها كون ان اغلب الأموال التي تأتي للسلطة ضمن المقاصة ومساهمة الاتحاد الأوروبي وبذلك ستنهار السلطة".
ويشير إلى أنه في حال استمرت (إسرائيل) بالضغط على السلطة سترفع الأخيرة كل عقوباتها عن القطاع، وهذا ما يتطلب من الشعب الفلسطيني الضغط، مشددا على أنه من المعيب أن يأتي تخفيف العقوبات كنتيجة لضغط إسرائيلي واوروبي، كان ينبغي على أبو مازن مراجعة خطواته التي تشكل جريمة في عرف البشرية، وفق قوله.
***********إهانة السلطة
ويرى الباحث في الشأن الإسرائيلي د. عمر جعارة أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير طاقته يوفال شتاينس يتفقان على ضرورة اقتطاع أموال المقاصة وتحويل رواتب موظفي السلطة بغزة لمنع انفجار القطاع في وجهه.
ويبين جعارة أن نتنياهو يتبنى الموقف المتمثل في أنه لا يريد السماح بخنق القطاع حتى لا ينفجر في وجهه وإمكانية أن يقدم الاحتلال على تحويل الأموال لصالح القطاع قائمة بشكلٍ كبير.
ويلفت إلى أن توجه الاحتلال لتنفيذ قرار تحويل أموال المقاصة إلى قطاع غزة يعتبر إهانة موجهة للسلطة.
في نهاية المطاف يمكن القول إن الأيام المقبلة كفيلة بكشف سياسة السلطة، التي قد تتراجع عن عقوباتها اتجاه القطاع الذي يمثل بالنسبة لها "بقرة حلوبا" لجني الأموال.