فتح بسام أبو شريف مستشار الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ملفات متعلقة باغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات خلال حوارات عديدة أجرتها معه صحيفة الرسالة مؤخرًا، كان من بينه الكشف عن محاضر اجتماع جرت بين رئيس السلطة محمود عباس ورئيس وزراء الكيان الاسرائيلي آنذاك آرائيل شارون وقد هددّ الاخير بتصفيته بعلم ابو مازن.
واستغرب أبو شريف في حديثه لـ"الرسالة نت" عدم اعلان السلطة عن قاتل عرفات، "خاصة وأن رئيسها محمود عباس قد أعلن في خطابه العام الماضي انه يعرف الشخص الذي وضع السم، ولكنّه لم يعلن عنه وهذا يترك سؤالا كبير".
وأشار إلى أن الرئيس عرفات أسرّ اليه قبل وفاته بأيام بقوله "خانوني يا بسام خانوني، دخلولي من مطبخي ولم يعد رجال حولي".
اغتيال سياسي
ولفت إلى أنه نبه عرفات في تقرير له بوجود مخطط لدسم السم له، وعممه أبو عمار على كوادره القيادية والأمنية، مستدركا بالقول" قيادة السلطة تجاهلت ندائي واقنعت عرفات بعدم جدواه، ولم تكلف نفسها بزيادة الاحتياطات الأمنية له".
وذكر أن الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك كان يدرك أن عرفات قد تعرض للسم، و"كذلك قيادات في السلطة" وجمعيهم تجاهلوا ذلك، ورفضوا تشريح جثمانه، وبعد سبع سنوات ذهبوا لتشريح الجثمان، وحاولوا تحريف مسار التحقيق ولهذه اللحظة لم يفصحوا عن النتائج".
الطبيب الخاص لعرفات اختفى في ظروف تستدعي فتح تحقيق بها
وبين أن السم الذي استخدم لاغتيال عرفات لا تستخدمه سوى "إسرائيل"، وفقًا لتقديرات خبير السموم الجنائية في لندن، مشيرا الى ان أنظمة عربية ساهمت في توفير الغطاء للتخلص من عرفات.
وأضاف أبو شريف: " التآمر السياسي على عرفات وعزله فتحاويا في المقام الأول، صنع أجواء وفرت لإسرائيل فرصة للقضاء على ياسر عرفات والعمل على اغتياله"، متابعا: "لولا التآمر عليه وعزله واحاطته من الفريق المحيط به، لما تجرأت الأطراف الأخرى في العمل على التخلص منه تماما، وثمة من ساعد إسرائيل في اختيار اللحظة لتنفيذ فعلتها".
وأشار إلى أن إخفاء السلطة لاسم الفاعل، "يعني أن هناك اشخاصا ستكشف أسماؤهم، ولذلك فضلوا الصمت عن اعلان اسم القاتل". وبحسب أبو شريف فإن عرفات لم يخف يوما على القضية، لكنه دائما كان حزينا من فريق يشتكي منه دوما بالخيانة، ودائما ما كان يردد "دول بخونوني .. فش رجال.. المال عامي نظرهم".
ومضى أبو شريف يتساءل: "من باع الوطن وحرم الناس لقمة عيشهم وقطع رواتبهم ومخصصاتهم، ألن يبيع ياسر عرفات؟".
وأكدّ أن الخط الأحمر الذي رسمه ياسر عرفات متمثلا بثوابت القضية الفلسطينية وصونها وحماية أبناء شعبه، "تعداه البعض وداس عليه"، في إشارة لمن تقلد أمور فتح بعد عرفات.
وقال أبو شريف: "يتشدقون بأنهم ملتزمون بنهج عرفات، لكنهم في الحقيقة خانوه وخانوا ثوابته، وأصبح بالنسبة اليهم كقميص عثمان".
وأشار الى مناقب عرفات بأنه "كان رجلا كريما شجاعا يعطي الناس ويرق قبله لهم، ليس كمن يمنعهم اليوم ويحرمهم من حقوقهم، ويمنع مخصصات الأسرى والشهداء"، في إشارة الى إجراءات رئيس السلطة محمود عباس.
وذكر أن الراحل عرفات كان يتصل على الرؤساء العرب ويحثهم على دفع مستحقاتهم لصندوق المنظمة، وكان في بعض الأحيان يغضب ويقول لهم:" الله يلعن السؤال.. أنا اطلب منكم لشعبي انا لا اشحد، فهذه ضريبة قضيتكم".
وأكدّ أن الخشية الكبرى تتمثل في تساوق بعض الساسة الفلسطينية الذين خلفوا ياسر عرفات في صناعة القرار، مع مشاريع سياسية رفضها الراحل ودفع دمه ثمنا لذلك، ومن أهمها ما باتت تعرف بـ"صفقة القرن". وأشار إلى أن "المال الذي بيع بسببه ياسر عرفات، قد تباع فيه القضية".
وثائق للتآمر على عرفات
وكشف بسام أبو شريف مستشار الرئيس الراحل ياسر عرفات، وللمرة الأولى عن محضر اجتماع عقد بين رئيس وزراء الاحتلال الأسبق ارئيل شارون مع كل من رئيس السلطة محمود عباس الذي تولى رئاسة الوزراء آنذاك ومحمد دحلان مستشار عباس للأمن القومي حينها.
وقال أبو شريف إنّ شارون عندما قرر اغتيال عرفات بدأ البحث عن قيادة بديلة للتفاوض والاتفاق معها، فشرع بالاتصال على عباس ودحلان وآخرين، "ولدي محضر لإحدى هذه الجلسات سأنشرها قريبًا في كتاب سيصدر عني".
وذكر أن شارون قال وفق محضر الاجتماع "لا بد من التخلص من عرفات، فكان جواب عباس أنه لا داعي لهذه الطريقة؛ لكن يجب أن تعطينا وقتًا لنزع صلاحيات عرفات الأمنية والمالية والسياسية".
وأضاف أبو شريف أن شارون رد على عباس، أنه "لو نزعتم كل صلاحيات عرفات، فطالما بقي حي سيكون صاحب القرار الإرهابي وهو رأس الارهاب، وهو من يعطي الموافقة على عمليات حماس، لذا يجب التخلص منه، فيما التزم عباس الصمت".
وأشار أبو شريف إلى أن شارون أعلن بشكل واضح رغبته في تصفية عرفات وتشكيل قيادة بديلة، ووعد أنه سيبدأ بالتفاوض مع هذه القيادة وتقديم تنازلات مؤلمة في حال توقفت العمليات، "ومن هنا بدأ عباس بالتنسيق الأمني لمنع العمليات استجابة لوعد شارون".
وردًا على سؤال "للرسالة"، حول إن كان يخشى من ملاحقة عباس في حال صدر الكتاب الذي سيحمل عنوان "الإرهاب متجذر في الصهيونية فكرة وحركة ودولة"، أجاب: "أنا أتمتع باحترام الناس وغير مهتم برأي محمود عباس، الذي أتمنى أن يكون قد اكتشف الأخطاء التي أوقع بها السلطة الفلسطينية، وما جره على شعبنا خلال العقد الأخير".