بدأت (إسرائيل) في الأشهر الأخيرة بتحويل مواد تتعلق بعدوانها على قطاع غزة، في العام 2014، إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، من خلال طرف ثالث وليس بشكل مباشر، حسبما كشفت صحيفة "هآرتس" اليوم الأحد.
وتحقق محكمة لاهاي في جرائم حرب محتملة ارتكبتها (إسرائيل) في عدوانها ولا يتعلق التحقيق في الجرائم التي ارتكبتها خلال مظاهرات مسيرات العودة عند السياج الأمني المحيط بالقطاع والمستمرة منذ 30 آذار/ مارس الماضي حتى اليوم.
وكانت (إسرائيل) قد رفضت التعاون مع تحقيق المحكمة الدولية في الجرائم التي ارتكبتها عام 2014 في غزة، زاعمة أن ليس من صلاحية المحكمة التحقيق في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.
لكن الصحيفة أفادت أن قلقا من هذا التحقيق يسود القيادتين السياسية والعسكرية في (إسرائيل) من فتح المحكمة الدولية تحقيقا جنائيا، الذي من شأنه أن يقود إلى رفع دعاوى ضد قياديين (إسرائيليين) ضالعين في تلك الأحداث ومنع دخولهم إلى العديد من دول العالم.
ووفقا للصحيفة، فإن مسؤولين سياسيين (إسرائيليين)، بضمنهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وكذلك مسؤولين أمنيين وقانونيين أجروا مداولات، في الأشهر الأخيرة، قبيل صدور نتائج التحقيقات الأولية للمحكمة الدولية، والتي باتت في مراحلها النهائية.
وإثر هذه المداولات، وجدت (إسرائيل) نفسها مضطرة إلى تحويل مواد متعلقة بالعدوان إلى المحكمة الدولية، ولكن بواسطة طرف ثالث وليس مباشرة.
وتأمل (إسرائيل) أن تعزز هذه المواد موقفها وأن تؤثر على طاقم التحقيق الدولي، الذي جبى إفادات من الجانب الفلسطيني.
وقالت مصادر في جهاز الأمن (الإسرائيلي) إنه لم يتم تسليم المحكمة أي مواد تتعلق بمظاهرات مسيرات العودة، التي استخدم فيها الجيش الإسرائيلي القناصة وأطلق النار على المتظاهرين من طائرات مسيرة، ما تسبب باستشهاد أكثر من 200 فلسطيني، بينهم أطفال ونساء ومعاقون.
واعتبرت المصادر الإسرائيلية نفسها إن (إسرائيل) تميّز بين أحداث عدوان العام 2014 وأحداث مسيرات العودة، التي يحاول الاحتلال الامتناع عن التعاون فيها مع المحكمة الجنائية الدولية.
وأضافت المصادر أن (إسرائيل) لم تسلم محكمة لاهاي "معلومات أمنية خام" في أي مرحلة، وإنما شملت المواد تطرقا خطيا إلى أحداث وقعت أثناء الحرب العدوانية الإسرائيلية على القطاع في العام 2014 وإشارات إلى مخزون معلومات، بينها تقارير وبنود في القانون الإسرائيلي ومعطيات أخرى.
وادعت المصادر أيضا أن (إسرائيل) معنية بالتوصل إلى تفاهمات مع محكمة لاهاي، ولذلك تنعقد المداولات بسرية مطلقة.
وبدأت المدعية العامة لمحكمة لاهاي، باتو بينسودا، في العام 2015، التحقيق في ارتكاب (إسرائيل) جرائم حرب محتملة بحق الفلسطينيين.
وزعم الاحتلال في المقابل أن المحكمة لا يمكنها الانشغال بشؤون تتعلق بالسلطة الفلسطينية، لأن "إسرائيل ليست عضوا في المحكمة، والسلطة الفلسطينية ليست دولة".
وتطرقت بينسودا، مؤخرا، إلى مظاهرات مسيرات العودة، التي سقط خلالها 221 شهيدا فلسطينيا في القطاع، وأكدت أن "استخدام العنف ضد المدنيين من شأنه أن يشكل جريمة دولية، وهكذا أيضا استخدام المدنيين من أجل الدفاع عن نشاط عسكري".
وفي أيار/ مايو الماضي، قدم وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، طلبا إلى محكمة لاهاي طالب فيه بالتحقيق في المستوطنات في الضفة الغربية كونها تنطوي على جرائم خطيرة تسمح بفتح تحقيق دولي.
ونقلت "هآرتس" عن مصادر إسرائيلية تقديرها أن قرار نتنياهو بإرجاء طرد سكان قرية خان الأحمر نابع من أن تنفيذ عملية طرد كهذه من شأنها أن تؤثر على قرار بينسودا في لجنة التحقيق.
وكانت بينسودا أعلنت في هذا السياق، قبل ثلاثة أسابيع، أنها لن تتردد في "تنفيذ الخطوات اللازمة"، لافتة إلى أنها تتابع موضوع خان الأحمر بقلق وأن "إخلاء بالقوة قد يقود إلى تصعيد وعنف".