مطلوب لغزة الموت جوعا وعطشا وذلا، سلاحها أن يسلم وجندها أن يهزم، ولأهلها الفقر والحرمان، مطلوب لمرضاها الوجع من غير دواء، وأطفالها التعب والجنون، وشبابها اليأس والتوهان، مطلوب لنا القيود والأغلال والإذلال.
وحينما تنتصر غزة على أوجاعها يلومونها، لماذا لم تموتي وقبلتِ بقليل من الماء يروي عطشك؟! هذا الماء نجس فالموت أليق بك، لماذا تحديت عقوباتنا وخياناتنا وخيباتنا وعقدنا النفسية؟! لماذا لم تشفِ غليلنا وتنهاري وتجثي تحت أقدامنا لنركلك ولا نرقب فيك إلا ولا ذمة؟! عار عليك أي مال ينقذك من سطوتنا تنسيقنا تفريطنا، عار عليك مال يظهر قبحنا ويعزز وجودك وصمودك وبهاءك.
ما سبق لسان حال من انتظر اثنا عشر عاما يراقب آلام غزة وأوجاعها ويتصبب فرحا وشماتة وغدرا، حال السلطة التي صبت على نار الحصار بنزينا لتحرق القطاع بمن فيه، فأطفأها الله بنوره وحولها بردا وسلاما وفجرا، ومع كل هذا ما زالت حماس تفضل إنهاء الانقسام وإعادة اللحمة على كل ما حدث، وهي مستعدة للمصالحة أكثر من أي وقت مضى، وما على الرئيس عباس إلا رفع العقوبات عن موظفي السلطة، والتراجع عن جميع الإجراءات ضد غزة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية بالتشاور والتوافق مع جميع الفصائل المركزية، والتفاهم على انتخابات تشريعية ورئاسية.
فقد فشلت سياسات السلطة للضغط على غزة وأتت بنتائج عكسية، وفي حال تم ذلك وبعد الهدوء والتفاهمات نحن اليوم أمام فرصة كبيرة، ولتكن مطالبنا الآن ممرا مائيا لقبرص، وممرا آمنا للضفة، والأخير دور السلطة في الضغط عليه لنهرب من الانقسام والانفصال للوحدة والتآخي.
المعركة لم تنته بعد، ومسيرات العودة مستمرة واستمرارها سيمنحنا مزيدا من الانجازات والتسهيلات وقد نصل لممر مائي وآمن، وتوسعة في التصدير والاستيراد، ومشاريع بمئات الملايين وإعادة إعمار وتدشين للمصانع، غزة نواة حلم عظيم يحتاج منا الاستمرار ونفسا طويلا، فنحن أمام مرحلة جديدة وعظيمة وقد أثمرت وأينعت زهرات صبرنا وجهادنا ومسيراتنا، والقادم أعظم إن شاء الله، ونحتاج الآن لترتيب صفوفنا وتقوية أخوتنا واغتنام أشهرنا القادمة، والمزيد من الإعداد والتراص واليقظة، يراهنون أن نرتع فإن شاء الله سنستثمر كل لحظة لما هو آت.
كل من في غزة سيستفيد بشكل أو بآخر والمسيرة مستمرة، اليوم لا يوجد حمساويا وفتحاويا ويساريا، حزبيا وغير حزبي، جميعنا فلسطينيون ومع بعضنا البعض نكمل مسيرتنا، فغزة اليوم في مرحلة جديدة وعلينا الاستعداد لها جيدا والقطار لا يعود للوراء، وعلى حماس تعزيز الشراكة بكل شيء وعلى القوى والفصائل والتيارات تقوية قلبها والتقدم، وعلينا الحفاظ على تنوع غزة من أقصى اليمين لأقصى لليسار، نتعايش ونتشارك بحرية وتكامل نختلف.. نتفق.. لكن ببوتقة واحدة وهدف واحد.