اسمه مجد وللمجد في وجهه علامات، يحب الفن والألوان، بل هو موهبة سابقة لسنه، تارة تخط ألوانه صورة لأبو عمار، وأخرى يرسم ملامح الياسين، وتارة يبدع ويسكنه الحنين فيرسم أوجاع المخيم وآلامه.
كانت تشكل له حصة الفنون نافذة لتحقيق حلمه فوضعت لريشته أساسات الفن وجعلته على أول السلم الحقيقي، يعشق رسم "البورتريهات" ووجوه الشخصيات السياسية الفلسطينية، يرسم بالفحم والزيت ودائما كانت الأدوات شحيحة بسبب الحصار، ولكنها لم تكن يوما حاجزا، فانطلق مجد إلى الطبيعة ورسم ما حوله من أشجار وسماء وأحلام.
دعمت عائلة مجد فنه بمرسم صغير في المنزل، ولم يكن هو الوحيد الذي يمتلك موهبة الرسم بل هي موهبة مشتركة بين أفراد الأسرة.
إلى هنا لم تتوقف الحكاية، بل امتدت حتى كان لريشة مجد الذي يطمح للعالمية دور في المشاركة في مسيرات العودة، وبدلا من رسم الطبيعة والأنهار والأشجار، انتقل بطبيعة حال غزة إلى رسم الشهداء والجرحى، وقنابل الغاز والرصاصات التي تعرف كيف تتوجه إلى قلوب وأحلام الشباب الغزي.
يذهب كل أسبوع للمشاركة ولم يكتف! بل أصيب مرة تلو الأخرى، حتى وصل عدد الإصابات إلى سبع مرات، أولها شظايا في جمعة الخان الأحمر أدت إلى كسر في قدمه، وآخرها رصاصة مطاطية في رأسه تسببت في نزيف داخلي في المخ وما زال إلى اليوم يرقد في العناية المركزة.
لم يكن لوجه مجد الملائكي أي أهداف من مشاركته سوى إيصال رسالته إلى العالم عبر رسوماته كما يقول وهو على فراش المرض:" أريد المشاركة في معارض دولية وعربية، أريد أن أوصل رسالتي عبر رسوماتي الى العالم".
من بين رسومات مجد صورة لامرأة تحمل غصن الزيتون، وأخرى تتشبث بتراب الأرض، لأن مجد يعلم تماما أين هو الحق الضائع ومن هو صاحبه الحقيقي، يعلم ماذا يرسم وريشته تعلم تماما طريقها.
كما شارك مجد في لوحات رملية على شاطئ بحر غزة، كاتبا بالرمال "عائدون" أو مذكرا بيوم الأسير الفلسطيني، في لوحات رملية قد تتعجب إذا عرفت أن صاحبها لم يتجاوز الأربعة عشر عاما.
آخر إصابات مجد كانت في زيكيم حينما أطلق الاحتلال عليه رصاصة مطاطية تسببت في نزيف داخلي في المخ، ولكنه رغم كل شيء أفاق بعد أربعة أيام، وتخطى مرحلة الخطر، والمفاجأة أنه عاد يرسم وكأن في ريشته دواء لدائه، قائلا: في ذكرى رحيل أبو عمار سأرسم وجهه من جديد لتكون هذه هي اللوحة رقم 102 التي أرسمها منذ تعلمت الرسم.
ولقد كان لمسيرات العودة حصتها من ريشة الفنان الصغير، وتأثر كثيرا بالشهداء والأحلام التي تركوها خلفهم، فهناك بين لوحاته رسمة لياسر مرتجى، ورزان النجار وكثيرات غيرها، وكلها تجسد مأساة شعب بريشة طفل كبر قبل أوانه.