مع مرور الأسابيع أثبت الغزيون أن مسيرات العودة باتت خيارا رابحا لديهم مادام الحصار مستمرا على سكان القطاع، لذا فشلت خطط ردعهم عسكريا وحتى سياسيا مدام وضعهم على حاله.
وخرجت مسيرات العودة في مشاركة الجماهير الفلسطينية عن التوقعات وهو ما ثبت فعليا من خلال المشاركة الواسعة الأسبوع الماضي رغم سوء الأحوال الجوية، ما سبب ازعاجاً وقلقاً كبيرين لدى الاحتلال ترجمه بحملات مختلفة واستهداف متعمد وقتل بشكل مباشر للمتظاهرين على الحدود.
ويرى مراقبون أن المسيرات ستبقى مستمرة مادامت أسباب انطلاقها المتمثلة بكسر الحصار موجودة، فضلا عن استشعار الفلسطينيين بحجم المخاطر التي تهدد الثوابت، وهو ما يدفع جميع الأطياف للمشاركة في الفعاليات.
وقالت مصادر إعلامية عبرية إن حالة "إحباط" تسود في صفوف الأمن (الإسرائيلي)، جراء استمرار تدفق المتظاهرين السلميين قرب السياج الأمني في المناطق الشرقية لقطاع غزة أيام الجمعة، وعدم انخفاض العدد رغم تفاهمات التهدئة التي توصلت إليها الأطراف برعاية مصرية.
وذكر موقع "والا" العبري أن وصول أكثر من 10 آلاف متظاهر إلى السياج الأمني الجمعة الأخيرة يثير قلقًا داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
وأشار إلى أن جيش الاحتلال كان يأمل انخفاض الأعداد بعد التفاهمات الأخيرة "إلا أن وصول المتظاهرين حتى دون إلحاح من حماس يثير حفيظة الأمن الإسرائيلي في إمكانية إحداث تغيير جذري في القطاع".
وكانت سلطات الاحتلال سمحت في أكتوبر الماضي بإدخال سولار لتشغيل محطة توليد الكهرباء بغزة بتمويل قطري؛ ما ساهم في التخفيف من حدّة أزمة انقطاع الكهرباء وعودة جدول 8 ساعات وصل مقابل 8 قطع، بعدما كان 16 ساعة قطع مقابل 4 ساعات وصل فقط.
كما سمح الاحتلال بداية نوفمبر الجاري بإدخال منحة الأموال القطرية البالغة 15 مليون دولار كمساعدات للأسر الفقيرة، وتوفير برامج تشغيل مؤقت، وجرحى وشهداء مسيرات العودة، إضافة لصرف رواتب موظفي حكومة غزة.
بدوره يرى عبد الستار قاسم الكاتب والمحلل السياسي أن أسوأ ما قد يسمعه الصهاينة هو المطالبة بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، على اعتبار أن هذه المطالبة تستهدف وجود الكيان الصهيوني نفسه.
وبين في مقال له أن الصهاينة يرون تنفيذ حق العودة يقلب المعادلة السكانية تماما ويحول الكيان إلى دولة فلسطينية، ويعرّض أمن اليهود للخطر مما يضطرهم للرحيل عن فلسطين.
وقال إن حق عودة اللاجئين قضية رابحة على الأقل دبلوماسيا لأن كل الشرائع الدولية والاتفاقيات والمواثيق تقول بحق اللاجئ في العودة إلى بيته وممتلكاته، وعلى الدول تبنى كل التسهيلات التي تعجّل عودة اللاجئين.
بدوره ذكر حسام الدجني الكاتب والمحلل السياسي أنه سواء وقع اتفاق هدنة أو لم يوقع يجب الحفاظ على الحالة الموجودة خصوصا أن المقاومة السليمة هامة وتعد الأقل تكلفة من بين الخيارات مع التأكيد أن ذلك لا يقلل من أهمية المقاومة المسلحة.
ويؤكد أنه مع استمرارها وزيادة زخمها لكن على قاعدة تقييم واستخلاص العبر بما يعزز المكاسب الإعلامية والسياسية والتقليل من الخسائر البشرية، مشيرا أن تراكم الفعل السلمي على الحدود من خلال عقد الورش وجعل المنطقة حية يزيد الضغط على الاحتلال ويساهم في فضحة أمام الرأي العام الغربي لذا يجب تثبيت الحالة الحاصلة الآن.
ودعت الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار الجماهير الفلسطينية إلى المشاركة الواسعة في الجمعة المقبلة بعنوان "جمعة التضامن مع الشعب الفلسطيني".
وقالت الهيئة إن الشعب الفلسطيني مدعو في الجمعة السادسة والثلاثين للمشاركة الجماهيرية في جمعة "التضامن مع الشعب الفلسطيني" والتي ستعبر عن استفاقة الضمير العالمي حول القضية الفلسطينية العادلة.
ومنذ 30 مارس الماضي يشارك المواطنون في مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية قرب السياج الأمني شرق محافظات قطاع غزة الخمس.
وأسفرت اعتداءات الاحتلال على المشاركين في مسيرة العودة وكسر الحصار السلمية عن استشهاد نحو 220 مواطنًا وإصابة نحو 23 ألفًا بجراح متفاوتة الخطورة.