تظهر التسريبات في ملف التحقيق بآلية عمل القوة الإسرائيلية الخاصة، التي تسللت إلى قطاع غزة، أنها دخلت عبر معبر رسمي تسيطر عليه السلطة منذ نوفمبر المنصرم، ما يدفع للتساؤل عن إجراءات الأمان على معابر غزة، ومدى تورط جهات في السلطة بما جرى، بالإضافة إلى ضرورة تحصين هذه الثغرة.
ولا يخفى على أحد أن المقاومة الفلسطينية عملت على مدار السنوات الماضية في تحصين المناطق الحدودية عبر نشر نقاط للرصد والمتابعة، بالإضافة إلى إجراءات إلكترونية من شأنها كشف أي تحرك مريب على الحدود.
وكانت المقاومة تعتمد على أجهزة الأمن بغزة في حمايتها للمعابر من الاختراق، إلا أنه منذ تسلم السلطة للمعابر وإنهاء تواجد أجهزة أمن غزة باتت المعابر خاصرة رخوة للمقاومة.
وتشير التسريبات، التي يبدو أنها "مقصودة"، إلى أن القوة دخلت عبر معبر تسيطر عليه السلطة، بعد أيام من حديث القيادي في حركة حماس، موسى أبو مرزوق، أن القوة الإسرائيلية الخاصة التي تسللت إلى مدينة خانيونس جنوبي غزة، منتصف الشهر الجاري، دخلت القطاع عبر "المعبر الرسمي" الذي تديره السلطة، مؤكدًا أنها حاولت تنفيذ عملية "استخباراتية".
وفي التعقيب على ذلك، قال إبراهيم حبيب أن الحديث يدور عن اختراق أمني خطير، في تسريب جديد للمقاومة، أن المجموعة الاستخبارية الصهيونية (سييرت متكال) دخلت غزة بشكل رسمي عبر أحد المعابر من خلال بطاقات شخصية غزاوية، مشيرا إلى أنه لفهم آلية وقوع هذا الاختراق لا بد من تحليل مُجرياته التي تضعنا أمام سيناريوهين.
وأضاف أن السيناريو الأول يتمثل بوجود حالة إهمال خطيرة في إدارة المعابر إذا افترضنا حُسن النية، بحيث لم يتم التدقيق في هويات القادمين إلى القطاع برغم امتلاك الإدارة السجل المدني الخاص بكل سكان القطاع بالصور الشخصية إضافة الى سجلات تسجيل تاريخ الخروج من القطاع.
وبيّن أن السيناريو الثاني يتمثل بتواطؤ استخباري من السلطة مع الاحتلال لتسهيل دخول هذه المجموعة، بحيث تم تجاوز التسجيل أو الدخول على النظام والسجلات وتعديل الصور والأسماء وتاريخ التصاريح ليتم تضليل العاملين على المعبر وهو أمرٌ أكثر خطورة إذا صح.
وأكد أنه يمكن تجاوز هذا الخلل الأمني الخطير من خلال إعادة تفعيل وزارة الداخلية لـ"نقطة 4-4" التي كانت تعمل على حاجز بيت حانون "إيرز" قبل تسليم المعابر للسلطة العام الماضي، على أن تتولى الوزارة بنفسها التدقيق في عملية دخول وخروج المسافرين بعيداً عن أي اتفاق سياسي مع السلطة.
وردا على ذلك، أكدت جميع الفصائل الفلسطينية في غزة على ضرورة إيجاد آلية عمل أمنية على المعابر التي تسيطر عليها السلطة في الوقت الحالي، بما يحفظ الأمن لقطاع غزة، ويمنع تكرار ما حصل في منتصف الشهر الجاري، بعيدا عن أي اتفاق سياسي جرى تنفيذه بين حركة حماس والسلطة في إطار تحقيق المصالحة.
ومن المتوقع أن تتخذ المنظومة الأمنية بغزة، بما فيها الحكومة والمقاومة، إجراءات جديدة في حال ثبوت ما جرى تسريبه مؤخرا، لإغلاق الثغرة الأمنية الحاصلة منذ سيطرة السلطة على المعابر في نوفمبر 2017، وهذا الاتجاه قد يتطلب تغييرا في القرار السياسي بغزة الذي قضى بتسليم المعابر نهاية العام الماضي.
من جهته، يرى الدكتور هشام المغاري الباحث في الشؤون الأمنية والاستراتيجية أن معابر غزة أصبحت خاصرة رخوة في ظل سيطرة الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة التي تنتهج التنسيق الأمني، بالتزامن مع غياب قوات الأمن التابعة لغزة.
ويذكر أنه يمكن إنهاء هذه الأزمة الأمنية من خلال إعادة النقاط الأمنية إلى المعابر، ولو في الجهة الخارجية للمعبر، دون المساس ببقاء سيطرة السلطة عليه.
وقال المغاري في اتصال هاتفي مع "الرسالة" إن السلطة على المعابر تهتم بالشق المادي والاقتصادي، ولا تعير الشق الأمني اهتماما كافيا، مبينا أنها تغفل حساسية الوضع الأمني بغزة، على عكس الضفة، مما يستدعي موقفا وطنيا في اتجاه تدعيم المنظومة الأمنية بغزة بما يشمل المعابر.