وصلت جريمة قتل محمد الدهشان قبل ست سنوات إلى نهايتها بعدما فكت الشرطة أمس الأربعاء لُغْزًا استمر ست سنوات، انتهى بالقبض على القاتل.
المباحث العامة في غزة، بذلت جهودا متواصلة على مدار ست سنوات تم خلالها تشكيل أكثر من لجنة تحقيق لمتابعة القضية التي كانت مجهولة منذ حدوثها، حتى أغلقت النيابة الملف لعدم قدرتهم على الحصول على أي معلومة.
رغم إغلاق الملف لم تتوقف جهود المباحث العامة حتى وصلت إلى القاتل، وأطلع العقيد أيمن البطنيجي المتحدث باسم الشرطة الفلسطينية على تفاصيل الجريمة.
في أحد نهارات صيف 2012 كان السائق محمد الدهشان(22عاما) في طريق عودته لمكتب التاكسيات الذي يعمل فيه، حينها استوقفه القاتل وعرض عليه أن يدفع له أجرة السيارة كاملة (طلب)، فوافق السائق على الفور وانطلقا باتجاه شارع الرشيد.
وكعادته كان يريد القاتل سرقة السائق، وتدحرج الأمر إلى جريمة متكاملة الأركان وفي وضح النهار!
ويوضح البطنيجي في سياق حديثه للرسالة أن القاتل يعمل في مذبح للدواجن وكان يحمل سكينا جديدة في يده (حسب اعترافه أثناء التحقيق) حينما دخل إلى السيارة وتحت تأثير تعاطي حبوب الترامادول، حاول سرقة السائق وتهديده بالقتل إن لم يعطه المال الذي بحوزته، ولكن القتيل لم يأخذ التهديدات على محمل الجد وحاول المقاومة حينما طعنه القاتل طعنة أولى.
بعد الطعنة الأولى حاول السائق أن يستدرك الأمر فأوقف سيارته وفر منها، وفي تلك اللحظة كان القاتل قد عثر بعد تفتيشه السريع على مبلغ ألفي شيكل، سرقها على الفور ثم لحق بالسائق وأجهز عليه فورا.
دارت الجريمة في ساعة الظهيرة في شارع الرشيد بالقرب من مسجد خليل الوزير، ولكن لم يتمكن أحد من تعقب الجاني، أو الاستدلال عليه.
ويكمل البطنيجي تفاصيل الجريمة قائلا:" اتجه القاتل بعدها مباشرة إلى النصيرات رغم أنه من سكان مدينة غزة، وإخفاء لجريمته اشترى ملابس جديدة وتخلص من القديمة التي لطختها الدماء.
صاحب محل الملابس التفت على وجود دماء على ثياب المتهم، فسأله عن سبب ذلك فأجابه بأنه يعمل في مذبح وثيابه دائما ما تتلطخ بالدماء"!
لم تتمكن الشرطة خلال متابعتها للقضية قبل ست سنوات من الوصول الى أي صورة للقاتل، بعد استبداله ملابسه خلال عودته لمدينة غزة داخل سيارة من نوع مرسيدي 7 راكب ، وعاد حينها السائق للملابس وسملها للشركة لكنه لم يستطع وصف القاتل وصفا دقيقا يدل المباحث عليه.
مرت ست سنوات دون أن تتكشف هوية القاتل، لكن تابع (أ.ج) البالغ من العمر ثلاثين عاما سرقاته، وتوالت معها قضايا وملفات أدت لسجنه أكثر من مرة، وأصبح من المشبوهين أصحاب السوابق، ومن هنا كان الخيط الذي ساق المباحث إلى حقيقة كونه "قاتل الدهشان".
لمّح القاتل ببعض المعلومات التي شككت بوقفه خلف الجريمة.
وبناء على ذلك عادت المباحث للملف الذي احتفظت به منذ ست سنوات، وحققت معه حتى تأكدت من اشتباهه بجريمة القتل وبدأت التحقيقات الطويلة، فاعترف بجريمته الكاملة بعد وصفه الدقيق والتأكد من تشابه اعترافاته مع الحقائق الثابتة لديهم منذ لحظة وقوع جريمة القتل، مثل لون الملابس وشكل السكين وكل ملابسات الجريمة.
وفي نهاية حديثه يقول البطنيجي: "هذه الجريمة الوحيدة التي وقف جهاز المباحث حائرا أمامها، فجميع الجرائم يكتشف القاتل فيها بأسرع وقت رغم الإمكانيات القليلة والضعيفة لدينا"، مشيرا إلى تعاون المواطنين في شهادتهم والخدمة التي تقدمها الكاميرات التابعة للمحلات والمؤسسات في الشوارع العامة، تلعب دورا كبيرا في كشف ملابسات الجرائم.