كشف د. باسم نعيم القيادي في حركة "حماس" وعضو مكتب العلاقات الدولية في حركة "حماس" عن تفاصيل جديدة تتعلق بجولة رئيس الحركة إسماعيل هنية المرتقبة، ومستجدات الورقة المصرية، مشيرا إلى أن هنية تلقى دعوة رسمية من موسكو لزيارتها واللقاء بوزير الخارجية الروسي ونائبه.
وبيّن نعيم في حديث خاص بـ"الرسالة نت" أن الزيارة ستجري في شهر ديسمبر الحالي، "ويجري الترتيب مع الأطراف ذات العلاقة لكن لم يتم تحديد موعد حتى اللحظة".
وقال نعيم إنّ هذه الزيارة تأتي في إطار مساعي الحركة الرامية لتعزيز الموقف الفلسطيني بصورة عامة وشرح الظروف المأساوية التي يمر بها القطاع، موضحًا أن هدف الزيارة هو تعزيز التواصل مع الدول والأحزاب بغية شرح موقف الحركة من القضايا المختلفة، في ضوء ما تتمتع به من مصداقية كبيرة.
وأشار إلى أن الزيارة ستشمل عددًا من الدول من أبرزها روسيا وإيران وتركيا ودول أخرى.
وبيّن نعيم أن الزيارة لموسكو ستتطرق لملف القضية الفلسطينية في ظل السياسات الأمريكية الجديدة وما يعرف بـ"صفقة القرن"، وبحث سياسات الاحتلال الماضية في تنفيذ المخطط الرامي لتصفية القضية.
ما تطلبه الحركة هو الجلوس على طاولة حوار وطني يشارك فيها الجميع
ولفت إلى أن من بين الملفات التي ستبحث ملف المصالحة الفلسطينية الداخلية وكذلك سبل التخفيف من الوضع الإنساني المتأزم بالقطاع.
وعرّج نعيم على زيارة وفد نواب الحركة للخارج برئاسة الدكتور محمود الزهار، مؤكدًا أن هذه الزيارات هي ترجمة لرؤية الحركة المتعلقة بالتواصل مع الأطراف الدولية والإقليمية، "وتهدف لشرح الأوضاع الفلسطينية والمأساوية في القطاع، والبحث عن سبل نصرة القضية إقليميا ودوليا".
القرار الأممي
في غضون ذلك، أعرب نعيم عن استنكار حركته للمشروع الأمريكي بالجمعية العامة للأمم المتحدة، الرامي لإدانة المقاومة الفلسطينية مساء اليوم الخميس، مؤكدًا أن مجرد التفكير في طرح هذا المشروع "محاولة بائسة لإدانة المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها حماس".
وذكر أن هذا الموقف دليل واضح على انحياز واشنطن لمصلحة الإدارة المتطرفة اليمينية داخل الكيان، وشرعنة لإرهابها وعدوانها المستمر على شعبنا.
ولفت إلى أن المقاومة الفلسطينية هي حق مشروع ومكفول "طبقا للقرار الأممي الصادر عام 1982 في الجلسة رقم 73، إذ منح الشعوب الحق في مقاومة الاحتلال والاستعمار بكامل أشكاله وأدواته المتاحة بما فيها المسلحة".
وأضاف أن "المقاومة رد فعل طبيعي لشعب يعاني أكثر من 70 عامًا من الاضطهاد والعدوان والعنصرية والتهجير القسري وسرقة الأراضي والحصار".
وأشار إلى أن الحركة بدأت بحملة اتصالات دولية وعربية شملت العديد من الدول الصديقة حول العالم منذ علمت بالنوايا الأمريكية لعرض المشروع للتصويت، إضافة للتواصل مع الدول التي تتوقع الحركة أن تصوت إلى جانب القرار؛ "لتحذيرهم من خطورة القرار وتمريره وتسويته للضحية مع الجلاد في أكبر محفل دولي أنشئ أساسًا لتعزيز الاستقرار".
وقال نعيم: "أكدّنا أن تمرير القرار يعني تعزيز عدم الاستقرار في المنطقة الملتهبة أساسًا وصبّ الزيت على النار المشتعلة، وشرعنة لأي عدوان (إسرائيلي) ضد القطاع، وبمنزلة ضوء أخضر للاحتلال بارتكاب أي مجازر ضده".
وذكر أن "الحركة أوضحت مرارًا للأطراف كافة أن المقاومة هي رد فعل طبيعي"، لافتًا إلى تجربة التصعيد الأخير ضد غزة، "واختراق الاحتلال للتهدئة التي حرصت المقاومة على تثبيتها بالتوافق مع الأطراف الأممية والإقليمية".
وأوضح نعيم أن الحركة بعثت برقيات للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لتؤكد أن من يصوت إلى جانبه هو شريك في أي عدوان قادم ضد القطاع ويتحمل المسؤولية عنه".
وبيّن أنه جرى التواصل مع دول أخرى كروسيا وتركيا وطهران وقطر، وأمين عام جامعة الدول العربية".
وفي سياق ذلك، أشاد نعيم بجهود ممثل السلطة الفلسطينية بالأمم المتحدة رياض منصور؛ "إذ جرى التواصل معه للاطلاع على آخر التطورات وتنسيق الجهد، ولمسنا جهدًا مقدرًا منه وطاقمه فعمل بشكل دؤوب ومثابر مع المجموعات الموجودة بالمنظمة الدولية، ودول الـ(77) ودول عدم الانحياز لإفشال القرار؛ لأنه خطورته لا تمسّ حماس فحسب، بل القضية بمجملها".
الورقة المصرية المشتركة تتضمن 6 بنود
ولفت إلى أن هذه هي المرة الأولى في الجمعية العمومية للأمم المتحدة التي يستصدر فيها قرار يدين فيه مقاومة الشعب الفلسطيني، موضحًا أن موقف الدول العربية هو الرفض بالإجماع، كما أن هناك رفضا روسيا وإيرانيًا للقرار وأكدوا أنهم سيعملون على إفشاله.
أما عن الموقف الأوروبي، فذكر أنهم اشترطوا إجراء تعديلات في صيغة المشروع، "وقد جرت تعديلات شكلية، ولهذه اللحظة لم نسمع موقفا واضحا من الأوروبيين فبعضهم يقول إنه سيصوت لمصلحة القرار بعد تعديله وآخرون يتحدثون عن رفضهم للتعديل".
وبيّن نعيم أن الموقف الأوروبي حذر من خطورة انعكاس القرار على دورهم في تقريب وجهات النظر بين أطراف الصراع بالمنطقة، والإضرار بالاستقرار في المنطقة.
العلاقة مع أوروبا
وتطرق نعيم إلى طبيعة العلاقة بين حركته والأوروبيين، مشيرا إلى أن الحركة علمت عن مواقف من أطراف مختلفة بالاتحاد "أنهم أخطأوا في موقفهم عام 2006 عندما رفضوا نتائج الانتخابات ومقاطعة حماس.
وتساءل: "ماذا لو جرت انتخابات جديدة وفازت بها الحركة أو شاركت في أي حكومة قادمة فهل سيتغير موقفهم؟ لهذه اللحظة لم يتبلور موقف واضح للإجابة على هذا السؤال".
وأشار إلى التناقض في الموقف الغربي تجاه الحركة من خلال تبنيه دعوة المصالحة الفلسطينية؛ "لكنه يقاطع أحد أطراف هذه المصالحة الأساسيين، فيما يستغل البعض الموقف الأوروبي السلبي تجاه الحركة كحجة للاستمرار في الانقسام".
وتابع نعيم: "عندما يجري الحديث عن مصالحة حقيقية مبنية على الشراكة وتشكيل حكومة وحدة، يستعمل الطرف الآخر هذا الموقف سلبا كحجة ليقصي حماس".
وأشار إلى أن الموقفين الأمريكي والأوروبي "متناقضان وملتبسان، فهما يرديان استقرارا لتحسين فرص الاستثمار وتحسين حياة الناس، وفي الوقت ذاته يتبنون مواقف سياسية لا تخدم التوجه سواء كان بعرض القرار للتصويت أو رفض التعامل مع حماس".
مساعي التهدئة
وفيما يتعلق بمساعي التهدئة، أكد نعيم أن رفع الحصار عن غزة هي خطوة ضرورية ومقدمة مهمة لتحسين الظروف للانطلاق نحو الخطوة الثانية المتعلقة بإعادة رسم المشهد السياسي.
وذكر أن التهدئة لم تأت في أي سياق سياسي بل هي حقوق مكتسبة للناس، "وليست محط نقاش أو مساومة، وليست أثمانًا بل هي حقوق".
وأشار إلى أن إصرار الناس وعنفوانهم في مسيرات العودة أثمر في المحصلة النهائية بوجود رغبة لدى الأطراف المختلفة للتحرك في الملف الإنساني، وجرى التوافق على تفاهمات معينة.
وذكر أن تفاهمات التهدئة التي انطلقت قبل شهر تنقسم لمرحلتين الأولى أول أسبوعين ثم ستة أشهر، وفي هذه المرحلة ستحل مشكلة الرواتب ومساحة الصيد والكهرباء ومشاريع البطالة والبحث المعمق في الخط البحري وتحسين حركة المعابر".
وأضاف: "قطعنا شوطًا في الاتجاه لكنّ الأمور تسير ببطء، وكثير من الالتزامات لم ينفذها الاحتلال حتى اللحظة".
وأكدّ أن الحركة أوصلت رسائل للأطراف جميعا أن الحركة لن تقبل بالمماطلة، و"لسنا مسؤولون عن وضع الكيان الداخلي وتناقضاته السياسية الداخلية، وكل ما نريده هو التخفيف من أوجاع الناس وحل أزماتهم".
وتوقّع نعيم أن تشهد الأيام القادمة وصول دفعة ثانية من رواتب الموظفين بجهود مصرية أممية قطرية، و"المطلوب التزام الاحتلال، وفي حال حدث أي تنصل منه فالأمور ستعود للانفجار من جديد بكل الأشكال الممكنة لتغيير الواقع".
المصالحة
وأخيرّا تطرق نعيم لمستجدات زيارة وفد الحركة الأخير للقاهرة، كاشفا عن التوصل مع القاهرة لورقة مشتركة، مشيرا إلى أن الحركة بذلت أقصى درجة ممكنة من المسؤولية الوطنية.
وبيّن نعيم الملفات الأربعة التي تتضمنها الورقة وهي:
- رفع كامل للعقوبات عن قطاع غزة
- تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال مدة اقصاها ٤٥ يوم وإجراء الانتخابات خلال ٦ شهور من تشكيلها.
- التجهيز خلال هذه المدة لانتخابات شاملة
- تفعيل اللجان المكلفة ببحث تطوير منظمة التحرير
- تعزيز المصالحة المجتمعية
- تفعيل المجلس التشريعي الحالي للقيام بدوره
وذكر أن موقف السلطة حتى اللحظة لا يزال سلبيا ولا يدفع بملف المصالحة قدمًا؛ لأن الإشكالية حول مفهوم المصالحة وليس حول تفاصيل متعلقة بالقضايا التنفيذية كالموظفين وغيرها.
وقال: "حماس تفهم أن المصالحة هي مشاركة بالمؤسسات كاملة، وتوافق وطني على رؤية جديدة على المشروع الوطني بعد فشل أوسلو وتقييم شامل للمرحلة".
وأشار إلى أن رام الله لا تزال تتعامل مع المصالحة بمنطق الإقصاء، الذي طال عددا كبيرا من الفصائل الفلسطينية وليس فقط حركة حماس، متابعًا: "المشكلة ليست لدى حماس بالنسبة لمصر فهي أبدت أكبر قدر من المسؤولية والمرونة وقدمت الكثير في محطات عديدة للوصول إلى مصالحة".
وأكدّ أن ما تطلبه الحركة هو الجلوس على طاولة حوار وطني يشارك فيها الجميع، مشيرا إلى أن مصر معنية بالتعامل مع ملفي المصالحة والتهدئة بصورة موازية.