شهدت الضفة الغربية المحتلة على مدار الأسبوعين الماضيين حملات اعتقالات شرسة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، كان غالبيتها بحق نشطاء من حركة حماس، شملت قيادات في الحركة ونواب في التشريعي، بالإضافة إلى أسرى محررين، في ظل تصاعد العمليات الفدائية مؤخرا.
وفي تفاصيل حملات الاعتقال الأخيرة، أكد مركز أسرى فلسطين للدراسات أن سلطات الاحتلال صعدت بشكل خطير من عمليات الاعتقال التي تمارسها بحق الفلسطينيين، خلال الأسبوعين الماضيين، فيما رصد المركز ما يقارب (300) حالة اعتقال بحق الفلسطينيين خلال ديسمبر الجاري فقط بينهم نائبان في "التشريعي".
وأوضح الناطق الإعلامي للمركز الباحث رياض الأشقر أن عمليات الاعتقال تمت بالتزامن مع توتر الوضع الميداني في الضفة الغربية وارتقاء عدد من الشهداء، وتمكن المقاومة الفلسطينية من قتل وإصابة عدد من جنود الاحتلال والمستوطنين.
وقال الأشقر في اتصال هاتفي مع "الرسالة" إن الاعتقالات أصبحت ظاهرة يومية، وأداة من أدوات القمع التي يستخدمها الاحتلال لإرهاب الشعب الفلسطيني، ووسيلة للعقاب الجماعي لردعه عن مقاومة الاحتلال، مشيرا إلى أنه لا يمر يوم إلا وتسجل فيه حالات اعتقال، وهذه الاعتقالات تطال شرائح الشعب الفلسطيني كافة بما فيها الأطفال والنساء وقادة العمل الوطني والإسلامي، وأسرى محررين، وصحفيين ونوابا.
وذكر أن من بين المعتقلين نائبان في المجلس التشريعي هما النائب عن دائرة نابلس ياسر داود منصور (58 عامًا) وهو أسير محرر كان أمضى 10 سنوات في سجون الاحتلال، والنائب عن دائرة الخليل محمد إسماعيل الطل (52عامًا)، كان أمضى ما يزيد عن 11 عامًا، نصفها في الاعتقال الإداري.
وطالت الاعتقالات أيضًا أكثر من (27) طفلًا ما دون الثامنة عشر من أعمارهم، إضافة إلى إعادة اعتقال الأسيرة المحررة المقدسية صباح محمد فرعون (34 عامًا) بعد اقتحام منزلها في القدس، واعتقال المواطنة ثائرة موسى قصول (27 عامًا) على حاجز أقامته على مدخل بلدة كفل حارس.
وأشار الأشقر إلى أن الاحتلال أعاد اعتقال العشرات من الأسرى المحررين الذين أمضوا سنوات طوية داخل السجون، وأبرزهم المحرر عمر البرغوثي والد الشهيد صالح، وكان أمضى ما يزيد عن 28 عامًا داخل سجون الاحتلال، إضافة إلى اعتقال المحرر مازن جمال النتشة، الذي أمضى أكثر من 15 عامًا في السجون، والمحرر بلال سلهب، الذي أمضى سنوات طويلة في الاعتقال الإداري.
كما أعاد اعتقال عدد من قيادات حركة حماس منهم القيادي مصطفى الشنار (57 عامًا) من نابلس وهو محاضر بقسم علم الاجتماع في جامعة النجاح، والقيادي المحرر فازع صدقي صوافطة (47 عامًا) من طوباس، وكان أمضى في سجون الاحتلال أكثر من 15 عامًا.
وفي التعقيب على ذلك، قال الكاتب والمحلل السياسي ياسين عز الدين إن حملة الاعتقالات في صفوف أنصار حماس مرتبطة بعدة أمور كما يبدو ظاهرًا أهمها انطلاقة حماس بالإضافة لتزايد عمليات المقاومة والمرتبطة بالحركة وتحديدًا الشهيد أشرف نعالوة وخلية رام الله التي كان الشهيد صالح البرغوثي أحد أعضائها وما زالت تفاصيل الخلية مجهولة ويبدو أن الاحتلال ما زال يفك خيوطها.
وأضاف عز الدين في حديثه لـ"الرسالة" أن الاحتلال لديه مخاوف من عودة حماس للعمل بشكل منظم وواسع في الضفة الغربية، فذلك سيقلب التوازنات التي فرضها الاحتلال بالتعاون مع السلطة خلال الأعوام الماضية.
وأشار إلى أن هنالك حملات اعتقال موسمية استباقية يسميها الاحتلال جز العشب، وتحصل قبيل انطلاقة حماس أو انتخابات مجالس الطلبة أو بدأ العام الدراسي في الجامعات، وذلك من أجل إبقاء دور حماس محجمًا في الضفة.
وبيّن أن المناطق المستهدفة هي كافة مناطق الضفة الغربية، بل امتد التنسيق بين السلطة والاحتلال مؤخرًا إلى ضواحي القدس التي كانت لفترة طويلة ثغرة أمنية بسبب عدم وجود قبضة أمنية قوية فيها.
وعن دور السلطة في هذه الاعتقالات، أكد عز الدين أن السلطة تدعم جهود الاحتلال، وذلك وفقًا لاتفاقية أوسلو وتفاهمات تينت ميتشل وجهود دايتون لإعادة بناء الأجهزة الأمنية، وبذلك الاحتلال يتلقى معلومات من أجهزة السلطة الأمنية، كما يطالبها بالتحقيق مع أفراد محددين، وغيرها من الخدمات المساندة لجهود أجهزة أمن الاحتلال، وهذه العلاقة لم تتوقف رغم كل ما يقال في الإعلام عن وقف التنسيق الأمني.
وفي نهاية المطاف، فإنه لا يمكن التقليل من خطورة الاعتقالات على المقاومة في الضفة، وتأثيرها المباشر على ضعف أدائها خلال السنوات الماضية، إلا أن العمليات الأخيرة أثبتت إمكانية تجاوز هذا المعيق، وضرب الاحتلال في مقتل.