حين يعود بك الزمن للوراء، لضحكة طفلة مخبأة، لدمية بهت لونها بعد خزنها في أمانات السجن 18 عامًا، فاعلم أن بطل الحكاية أسير فلسطيني اسمه "عماد"!
على شرفة المنزل كانت تنتظره لتلتقط له مشهد الحرية الأول الأسبوع الماضي، تدرك "لين" الآن أن هذه الشرفة ستبقى شاهدة على سنوات الانتظار كما عمرها المشترك مع عمر اعتقال والدها عماد الدين الصفطاوي في السجون الإسرائيلية!
لم يعد بابا "عماد" وحده لطفلته التي كانت جنينًا في بطن أمها إبان اعتقاله عام 2000، بل عادت معه "دمية" لم تكبر كما "لين"!
كبرت لين!
الثالث عشر من كانون الأول لم يكن يومًا عاديًا في حياة "عماد الدين أسعد الصفطاوي" ابن مدينة غزة، وقتها انتزعت منه حريته وحكمه بالسجن 18 عاما، بتهمة تنفيذ فعاليات مقاومة للاحتلال أضرت بما يسمى "أمن كيان الاحتلال".
"فيه عندهم أب بس أنا ما عندي أب" كانت هذه العقدة الأولى التي تركها الأسر في نفس "لين" تلك الصغيرة التي سرعان ما تأقلمت على غياب والدها لأنه ذاك البطل المناضل، هو يضحي وهي تضحي كذلك بالعيش دونه!
خمس دقائق فقط كانت كفيلة أن تثبت لوالدها شوقها وحبها وفخرها به، خمس دقائق في معتقل والدها، وحضن واحد دون زجاج فاصل، أو قيود، صورة لأول مرة ولقاء في 2014، لم تتمكن لين من وصفه كاملًا، إلا أنها اكتفت بالقول "حسيت بوجع بابا من عينيه (...) انوجع كتير طول الــ 18 سنة".
بين جدران الزنزانة الرطبة، لم يكن لــ "عماد" ونيسًا سوى حذاء صغير اشتراه لطفلته لين من إمارة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة عندما زارها عام 2000 ليعتقل في طريق عودته للقطاع وأفرج عنه الأسبوع الماضي، يقول المحرر: "عندما عزلوني كنت أناجي طفلتي وأردد لها أبيات الشعر، من ضمن أغراضي كان لها حذاء صغير وضعته أمامي كنت أقبله كل صباح".
لم يكن الحذاء وحده ضمن الهدايا المؤجلة، بل رافقته دمية وضعها أمامه في الزنزانة كان يعتبرها بمثابة طفلته التي لن تكبر رغم سنين القهر هناك!
كبرت لين فعليًا وباتت توازي والدها طولًا أو أقل من ذلك بقليل، لكن "الدمية" لم تكبر كما أحلام "عماد" التي بقيت كما هي وتحققت بعد حريته حين التقطت صورة مع "لين" لحظة تسليمها الدمية والهدايا التي تحررت معه!
يخبرنا المحرر أن الهدايا بقيت في "الأمانات" لدى إدارة السجن إلى أن تحرر قبل أيام، وأعادوها له، وكان من بينها هاتف "نوكيا" سجن هو الآخر معه.
كان لزوجته نصيبًا كبيرًا من الهدايا كذلك، ومنها الهاتف المحمول الذي وصل إليها بعد زمن بات فيه هذا النوع من الأجهزة الخلوية "منقرضًا"، إلا أن نبض الحب والعطاء بينهما لم ينقرض بعد رغم الغياب!