مع اشتداد الرياح، وهطول زخات المطر بغزارة، وفي ذات الوقت الذي يكون فيه معظم الناس قرب موقد نار أو مدفأة كهربائية، يخرج الشاب محمود صالحة وعدد من أصدقائه إلى المنطقة الأشد برداً في قطاع غزة مصطحباً كاميرته الشخصية ومظلة تحمي جسده من المياه الباردة.
في الشاطئ الملاصق لميناء غزة، وفي ذات المكان الذي تعلو فيه أمواج البحر بفعل الرياح، استقر الأصدقاء الأربعة، ليشرعوا بالتقاط الصور لقوة الأمواج وهي تغزو رمال الشاطئ وتتقدم فيه لأطول مسافة، "ليصنعوا أجواء ممتلئة بالسعادة رغم البرد القارس الذي يغزو أجسادهم.
في جولة "للرسالة" على شاطئ بحر مدينة غزة، خلال المنخفض الأخير، لم تكن الأجواء شديدة البرودة عائقاً أمام وصول مئات الهواة لزيارة الشاطئ، إذ حرص معظمهم على الاقتراب من مياهه والتقاط الصور، ليضيفوا حيوية على الشاطئ الذي يهجره الغزيون أيام البرد.
بالعودة "لصالحة" وأصدقائه، الذي يقول إنه "ينتظر أخبار قدوم المنخفضات الجوية الكبيرة، ليبدأ الاتصال مع أصدقائه لتنظيم رحلة "الشاطئ" التي تشوبها المغامرة، إذ يحرصون على التقاط الصور الشخصية من أقرب مكان من الأمواج العاتية، ليصنعوا لحظات "جميلة" تبقى محفورة بذاكرتهم رفقة مئات الصور الملتقطة.
وعن أجمل المواقف التي تحصل لهم خلال "مغامرة المنخفض"، يحكي صاحب البشرة السمراء، أنه عادة ما تقتحم أمواج البحر أجسادهم أثناء التقاط الصور وهي خلفهم، ما يجبرهم على إنهاء الرحلة خوفاً من أن يصابوا بالمرض بعدما تبللهم الامواج، غير أن مظلته التي رافقته من المنزل إلى الشاطئ كسرتها الرياح الشديدة أثناء محاولته التقاط صورة تحتها.
ليس للهواة فقط
ولا تقتصر زيارة شاطئ البحر في الأيام شديدة البرودة، على الهواة فقط، إذ يجد العشرات نافذة صغيرة للحصول على رزق تقذفه أمواج البحر إلى الشاطئ ويأتي بمحض الصدفة أمام أعينهم التي تبقى ترقب البحر حتى حلول الظلام.
يحكي (أحمد سعد الله 21 عاماً)، "للرسالة"، أن زيارته للبحر خلال المنخفضات الجوية تمتد منذ ساعات الصباح، وحتى حلول الظلام، وتبدأ منذ بداية المنخفض حتى نهايته، إذ يبدأ بمراقبة الشاطئ وما سيقذف خلاله وفي العادة ما تكون من زوائد بواخر النقل مثل الألواح الخشبية أو الأواني أو البلاستيكيات، ومع هذا تبقى فرص الحصول على الأشياء الثمينة قليلة جداً، إلا أنه لا يقطع الأمل في الحصول على أي شيء.
وبعد نهاية المنخفض، يحرص سعد الله على زيارة الشاطئ منذ بزوغ الفجر، ليبدأ بالتنبيش على العملات النقدية والقطع الذهبية، إذ تتسبب الرياح الشديدة التي تعلي أمواج البحر وتقدمها للشاطئ بجرف كل ما هو ثقيل ومخبأ تحت الماء، وبعد انتهاء الرياح تنسحب أمواج البحر وتبقى هذه القطع على رمال الشاطئ.
ويرى الذي تنهشه البطالة، من البحث عن العملة النقدية وسيلة للتسلية، بالإضافة إلى أنها قد تجلب له رزقاً، يصل إلى 35 شيكلا بعد المنخفض مباشرة، إلا أنه يبقى يرقب القطع الذهبية التي قد تفقدها إحدى الفتيات أثناء سباحتها على شاطئ البحر خلال فصل الصيف.
ويحرص عدد كبير من الفقراء على زيارة شاطئ البحر الذين التقتهم "الرسالة"، على ممارسة هواية "التنبيش" على العملات النقدية في أعقاب المنخفضات، لعلهم يحصلون على ما يحسن من ظروفهم المادية الصعبة في ظل البطالة التي يكتوون بنارها.