تحاول دولة الاحتلال دائما القفز فوق جميع القوانين والأعراف الدولية، في جرائمها التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني منذ ما يزيد عن 70 عاما، غير مكترثة بقرارات المؤسسات الدولية والقانونية التي تدين تلك الأفعال.
وتسعى (إسرائيل) إلى شرعنة جرائمها ومجازرها عبر التحايل على القوانين الدولية، فيما تعتبر أي إدانة لها تعني أن المنظمة دعما للفلسطينيين وهو ما تفعله كذلك مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو".
وأعلنت حكومة الاحتلال أنها انسحبت رسميا من منظمة اليونسكو بدءا من منتصف الأسبوع الجاري. وقالت صحيفة جيروزاليم بوست العبرية إن (إسرائيل) خرجت من المنظمة الأممية، وذلك بعد أن أعلنت انسحابها في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكن خروجها دخل حيز التنفيذ الاثنين المنصرم.
وبررت (إسرائيل) قرارها آنذاك بما سمته انحياز اليونسكو للفلسطينيين عبر تبنيها قرارات بشأن القدس والأراضي الفلسطينية، وفي هذا الصدد، نقلت الصحيفة العبرية عن السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون قوله إن (إسرائيل) انسحبت لأن المنظمة أفسدها أعداء الدولة اليهودية، ولن تكون عضوة في منظمة مكرسة للعمل ضدها، وباتت أداة يتلاعب بها أعداؤها.
وكانت (إسرائيل) قد انضمت للمنظمة في 16 سبتمبر/أيلول 1949، غير أنها طردت منها عام 1974 إثر قيامها بحفريات في منطقة الحرم القدسي الشريف، وفي عام 1979 عادت (إسرائيل) إلى عضوية اليونسكو بسبب تهديدات من الولايات المتحدة بوقف دعمها المالي للمنظمة الدولية.
وفي 2011 توقفت (إسرائيل) ومعها الولايات المتحدة وكندا عن دفع حصتها من ميزانية اليونسكو بعد قبول السلطة الفلسطينية دولة عضوة فيها.
أكثر إدانات
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب أن انسحاب (إسرائيل) من منظمة اليونسكو يأتي بعد أن أصبحت من أكثر الدول المُدانة بسبب سياساتها وإجراءاتها العنصرية والقمعية بحق الفلسطينيين.
ويؤكد حبيب في حديثه لـ"الرسالة" أن كافة الإحصائيات تشير إلى أن أكثر دولة لديها إدانة في الأمم المتحدة هي (إسرائيل) مقارنة بكل دول العالم سواء في مجلس الأمن أو الجمعية العامة، وحتى جميع المنظمات الأخرى.
ويوضح أن انسحابهم يجعل المنظمة الدولية أكثر نقاء وقدرة على اتخاذ الإجراءات القانونية ضد دول الاحتلال، متوقعا أن تعاني المنظمة من نقص في التمويل الأمريكي وبعض الدول لها، لكنها ستحافظ على أخلاقها وقرارتها الإنسانية بمعزل عن التهديدات.
ويؤكد حبيب أن الانسحاب نفسه يدين دولة الاحتلال، وينعكس إيجابيا على القضية الفلسطينية، داعيا إلى ضرورة الحفاظ على المؤسسات الفلسطينية، كما دعا الفلسطينيين وجميع الأقطار العربية إلى دعم المنظمة الأممية.
معايير إنسانية
ويرى الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي أكرم عطا الله أن (إسرائيل) منذ فترة تشكو من المؤسسات الدولية وتعتبرها منحازة للفلسطينيين، لكنها في الحقيقة تحكم وفق المعايير الإنسانية وليس المصالح الدولية وهي منظمة ترصد الانتهاكات والجرائم بحق الشعوب المُحتلة.
ويوضح عطا الله لـ"الرسالة" أن الانسحاب يعني أن (إسرائيل) تقول لليونسكو انها لن تعترف بها وبقراراتها، متوقعا أن تتأثر المنظمة بهذا الأمر من ناحية الدعم المالي والمعنوي في محاولة من الاحتلال والولايات الأمريكية المتحدة لإضعافها.
ويشير إلى أن دولة الاحتلال تسعى إلى القفز عن جميع القوانين والمنظمات الدولية التي تُدين إجراءاتها وتنصف الفلسطينيين، وهو ما يجعلها من أكثر الدول المُدانة.
وفي مطلع مايو/أيار 2017 صادقت اليونسكو على قرار ينص على أن (إسرائيل) هي قوة احتلال في القدس، وأعلنت أن (إسرائيل) لا تتمتع بحق السيادة على هذه المدينة، وبـ 7 يوليو/تموز من العام نفسه قررت اليونسكو أن الحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة في الخليل جزء من التراث العالمي، وأن السيادة عليهما لفلسطين.
وفي 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي أعلن البيت الأبيض انسحاب الولايات المتحدة من اليونسكو بذريعة أنها مناهضة لـ(إسرائيل).