مع كل فاجعة تصيبنا جراء غرق قارب الهجرة الذي يقودنا للمجهول بحثا عن حياة أفضل وحرية، يعود مشهد طيور النورس وهي تغادر شواطئ غزة بحثا عن رزقها، وتلاحق قوارب الصيادين علها تغنم بقية من صيد.
الضغط على غزة أجبر شوارعها وأسواقها ومؤسساتها الرسمية والأهلية أن تصبح طاردة للكفاءات، غير قادرة على تلبية حاجة الحالمين، ولا تمنح الأمان للقلقين على مستقبل أبنائهم، ولا متعة للراغبين في الرفاهية.
كل يوم تزداد أعداد الغزيين الباحثين عن وسائل للهجرة، أو من يضعونها حلا لأزماتهم على قائمة انتظار ما تسفر عنه أيام غزة القادمة.
وبينما يتم تسهيل الطريق أمام هجرة العقول والخبرات الغزية، تواجه مراكب آخرين عواصف تحول دون وصولهم إلى شاطئ الحلم، الذي أصبح بالنسبة لبعضهم كابوسا أو سرابا، ببساطة لأنهم عبء؛ لا يملكون خبرات أو أموالا لاستثمارها في دول المهجر، وهكذا تواجه غزة حرمانها من خيرة أبنائها.
القضية لم تعد رغبة أو تجربة للمقهورين فقط، بل تتجه أن تكون خطة إسرائيلية، حيث كتب شلومي يروشلايمي في "مكور ريشون": إن الطريقة الوحيدة لحل مشكلة غزة، هي تهيئة الظروف لهجرة السكان وإفراغ غزة، ويختصر الفكرة كالتالي: يجب توفير أكبر قدر ممكن من تسهيلات النقل من الممرات البحرية وسفن الركاب، ومنح أكبر عدد ممكن من الخيارات لمن يرغب في مغادرة غزة.
وتضيف مكور ريشون: يمكن أن تتحول الفكرة إلى مشروع دولي تشرف عليه الولايات المتحدة وروسيا ودول الاتحاد الأوروبي على أساس إنساني، بينما ستستوعب بلدان أخرى مثل كندا وألمانيا 2000 لاجئ لكل منها، وهو رقم يمكنه الاندماج، كما سيتم الترحيب بالأطباء تحديدا، وأبعد من ذلك ستلتزم (إسرائيل) بموجب اتفاقية دولية بأنهم لن يعودوا إلى غزة.
تجربة المغادرين والعائدين من مراكب وطائرات الهجرة تثبت أن دول المهجر لا تقبل كل من يأتيها حالما، في زمن ازدحمت الموانئ والمطارات بتذاكر الذهاب بلا عودة، خصوصا من المنطقة العربية، حتى تلك الغنية مثل دول الخليج سواء من مواطنيها أو مغتربيها.
وبعد كل هذه التجارب المريرة سننظر في الأفق، ننتظر موسم عودة الطيور المهاجرة.