خلف مكتبها الصغير الذي تزاحمت عليه العديد من الهواتف الذكية وأمام حاسوبها الشخصي، تنهمك الفتاة بابل قديح بشغف كبير في صيانة الأجهزة الإلكترونية، داخل إحدى زوايا منزلها الصغير في محافظة عبسان الكبيرة بمدينة خانيونس جنوب قطاع غزة.
سريعا تمر الساعات على الفتاة التي لم تبلغ العشرين من عمرها دون أن تشعر بالوقت، فيما تبقى حتى ساعات مُتأخرة من المساء وهي تُعيد صيانة وبرمجة الهواتف التي فضّل أصحابها احضارها لقديح في ظل عدم وجود أي فتيات يعملن في هذا المجال؛ الذي بات حكرا على الذكور فقط في القطاع.
قديح التي وجدت في نفسها الموهبة والشغف الكبير في كل شيء يخص صيانة وبرمجة الأجهزة الإلكترونية والهواتف الذكية، حاولت جاهدة تنمية خبرتها، فشقت بداية طريقها في تعلم هذه الهواية بهواتف أشقائها وأقربائها في المنزل.
ووسط حالة القبول والتشجيع من العائلة والمجتمع وما قابلها من الاستغراب والمعارضة من البعض الآخر، واصلت بابل -19 عاما-تطوير ذاتها في هذا المجال الذكوري، فالتحقت كأول فتاة في قطاع غزة بتخصص تكنولوجيا الهواتف النقالة في جامعة الأزهر، وفق قولها لـ"الرسالة نت".
" أسعى لكسر الجمود واحتكار الرجال لهذا المجال، ووجدت اقبالا كبيرا منذ الإعلان عن الفكرة فالكثير من الفتيات لا تحب اللجوء لمحلات الصيانة التي يعمل بها رجال، حفاظا على الخصوصيات والصور والملفات الشخصية على أجهزتهم" تضيف قديح.
وتشعر الكثير من صاحبات الهواتف والأجهزة الإلكترونية بالطمأنينة على المعلومات والملفات الخاصة داخل أجهزتهن، بعد أن وجدن من الفتاة بابل ملاذا لتصليحها، على حد قولها.
وتحاول قديح بأجهزة الصيانة المتواضعة كـ"الهوت، وساعة الفحص، والحاسوب الشخصي، وبرامج الصيانة" أن تُلبي احتياجات زبائنها، آمله أن يكبر مشروعها ويتوفر لها الكثير من أجهزة الصيانة التي تحتاجها في عملها.
جملة من الصعوبات التي واجهتها، تمثلت أبرزها في نظرة المجتمع لها كونها أول فتاة تلتحق في هذا المجال، وعدم وجود من أحدا من النساء تسبقها للعمل في هذا المجال كي تستقي منهن الخبرة، الأمر الذي دفعها للتعلم عبر الانترنت إلى جانب تعلمها الجامعي.
ورغم شعور الفتاة بابل بأن العمل في هذه المهنة بات أمرا يٌشبع هوايتها، إلا أنها تحلم أن يصبح هذا المشروع مصدر دخلا لها، متمنية أن تصل لحالة من الاستقرار وتنجح في فتح محل متخصص في مدينة خانيونس.
وتأمل قديح من الجهات المختصة وأصحاب الخبرة في المجال التكنولوجي، أن تدعم فكرتها وتساعدها؛ كي تحقق طموحها وتتميز في هذا المجال.