من الواضح أن سلوك قيادة السلطة الفلسطينية الخشن تغير مؤخرا وباتت تتظاهر بأنها المنقذة للفلسطينيين من العقوبات التي فرضتها على قطاع غزة، وتلبيسها لحكومة الحمد الله التي تنوي إقالتها قريبا.
وبدى ذلك جليا في حديث عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد الذي قال فيه إن الحكومة قررت من تاريخ 1 يناير إعادة الرواتب لموظفي السلطة بغزة لما كانت عليه بالتدريج وصرف 70% لهم ابتداءً من الشهر المقبل.
وهنا تحاول "فتح" تنظيف نفسها من الحقبة السوداء بحق الشعب، والظهور وكأنها ليس لها علاقة بسلسلة العقوبات التي فرضها رئيسها محمود عباس على قطاع غزة منذ قرابة العامين، وحتى على صعيد قانون الضمان الاجتماعي فإن عباس أصدر قرارا بتجميد القانون.
إلى جانب ذلك تحاول حركة فتح كسب ود الفصائل الفلسطينية بدعوتهم للمشاركة في تشكيل حكومة فصائلية جديدة، بعد توصية اللجنة المركزية بحل الحكومة الحالية، الأمر الذي رفضته الفصائل في حال حدث دون مشاركة حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أو بالذهاب إلى انتخابات دون توافق وطني.
هروب من الواقع
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي د. تيسير محيسن أن "فتح" تحاول الهروب من الواقع الحالي سواء كان على صعيد الشأن الداخلي أو حتى على صعيد سلوكها مع حركة حماس، بعد أن ثبت بالشواهد العملية ان كل الخطوات والإجراءات التي قامت بها فتح على مدى السنوات السابقة كانت محل ادانة وخلقت امتدادات عكسية.
ويوضح محيسن في حديثه لـ"الرسالة" أن الحركة قد تكون انتبهت لنفسها بعد العبث في مؤسسات النظام الفلسطيني بدءا من المجلس الوطني وصولا للحكومة، وأدركت أن الانزياح الكبير من الفصائل والشارع عنها مردوده سلبي للغاية ولن يصب في مصلحتها لذا تحاول ترقيع ما يمكن ترقيعه.
ولفت إلى أن فتح تحاول التخلص من تلك الأعباء والأخطاء، عبر تصريحات قيادتها الأخيرة بوقف قانون الضمان الاجتماعي وإعادة الرواتب لما كانت عليه في السابق.
ونوه إلى أنه لا يمكن الحكم بمصداقية تلك التوجهات إلا بعد أن يتم التغيير على أرض الواقع من خلال الإجراءات المقبلة.
كسب الشارع
وقال النائب الثاني للمجلس التشريعي د. حسن خريشة إن حركة فتح تحاول بشتى الطرق الآن كسب الشارع الفلسطيني، وهذا واضح من توصية اللجنة المركزية لحركة فتح بتأجيل تطبيق قانون الضمان الاجتماعي، متوقعاً أن تقدم الحكومة القادمة على إلغائه، لكسب المزيد من التأييد وكأن فتح هي من أنقذت الشارع الفلسطيني.
وأوضح خريشة أن دعوة فتح لتشكيل حكومة فصائلية هي محاولة لترتيب أوراق داخلية لحركة فتح تحسباً من أي أوضاع قد تطرأ في المستقبل، وتكريسا لحكم فتح على كل مفاصل الحياة الفلسطينية.
وأضاف "فتح تراهن على تجربة انتخابات المجلس التشريعي الأول في العام 1996، التي قاطعتها كل الفصائل فاقتصرت على حركة فتح فقط، وهذا ما تسعى فتح إلى تكراره الآن".
وأشار خريشة إلى أن هذه الخطوة تظهر أن قيادة السلطة تستمر بخرق القانون الأساسي، فأي حكومة لا بد أن يمنحها المجلس التشريعي الثقة، وهو المجلس الذي تم حله في السابق.
وتوقع خريشة مزيداً من تشدد هذه الحكومة باتجاه القطاع قائلا إن أي شخصية ستترأس هذه الحكومة ستثبت جدارتها بمزيد من العداء لحركة حماس، وبالتالي مزيدا من الحصار.
وفرض الرئيس محمود عباس جملة من العقوبات على غزة بأبريل 2017 بدعوى إجبار حركة حماس على حل اللجنة الإدارية التي شكلتها في غزة، شملت خصم نحو 30% من الرواتب، وتقليص إمداد الكهرباء والتحويلات الطبية، وإحالة أكثر من 20 ألف موظف للتقاعد المبكر.