شنّ نواب من كتلتي فتح وحماس البرلمانيتين هجوما حادًا على محمود عباس وحكوماته المتعاقبة، منددين بسياسات السلطة الاجرامية القاضية بقطع رواتب الأسرى والشهداء والجرحى والموظفين العموميين والعائلات الفقيرة والمستورة.
جاءت تصريحات النواب خلال جلسة برلمانية خاصة عقدها التشريعي صباح اليوم الأربعاء بمقره، ناقشوا خلالها تقرير لجنة الرقابة العامة وحقوق الإنسان والحريات العامة حول: "جرائم عباس وحكوماته بحق الشهداء والأسرى والموظفين العموميين في قطاع غزة وتداعياتها".
واستهل النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي أحمد بحر، الجلسة باستنكار العدوان الصهيوني واقتحامه للمسجد الأقصى والاعتداء على المصلين وإغلاق باب الرحمة، مطالبًا الأمتين العربية والإسلامية بتحمل مسؤولياتهم الدينية والتاريخية تجاه المسجد الأقصى.
واتهم بحر، سلطة المقاطعة في رام الله بتشجيع بعض قادة الدول العربية بالتطبيع مع الاحتلال، منددًا بزج المناضلين في السجون وذبح الحريات العامة والخاصة وانتهاك القوانين والمحرمات الوطنية.
ووصف سياسة قطع الرواتب بجريمة ومجزرة أقدمت عليها السلطة بحق آلاف الموظفين والأسرى المحررين والجرحى وعوائل الشهداء والأسرى في سجون الاحتلال.وأكد بحر أن مجزرة الرواتب تشكل جريمة وطنية وقانونية وأخلاقية وإنسانية واقتصادية، وتعبير عن الإفلاس السياسي للسلطة وسعيها لإخضاع قطاع غزة وتركيع أهله الصامدين ومحاربتهم في أرزاقهم وقوت أطفالهم.
وشدد بحر، على أن السلطة تفتح الباب على مصراعيه لتطبيق خطة صفقة القرن والانفصال السياسي والجغرافي الكامل لقطاع غزة عن الضفة الغربية.
ودعا كل القوى والفصائل الوطنية والإسلامية والشخصيات ومنظمات المجتمع المدني والشرائح الشعبية لوقفة جادة وحقيقية في وجه جرائم محمود عباس وسلطته، واتخاذ كل ما يلزم من إجراءات وتدابير لحماية شعبنا وموظفيه وعوائل الشهداء والأسرى من التغول الخطير الذي تمارسه سلطة المقاطعة على أرزاقهم وقوت أطفالهم.
وفي نهاية كلمته دعا بحر، الكل الفلسطيني لتشكيل لجنة مختصة لإعداد لائحة اتهام لمحاكمة محمود عباس شعبياً على ما ارتكبه من جرائم بحق شعبنا.
إلى ذلك تلت مقرر لجنة الرقابة بالمجلس التشريعي النائب هدى نعيم، تقرير لجنة الرقابة حول الموضوع أعلاه، مؤكدًة حرص اللجنة على توثيق وفضح السياسات والإجراءات الإجرامية التي تنتهجها حكومة عباس وبتواطؤ وصمت دولي مريب منذ العام 2007م وحتى تاريخه بحق الموظفين العموميين من أبناء قطاع غزة.
وأكدت التقرير مخالفة تلك الإجراءات والسياسات القوانين المحلية والدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وفي مقدمتها القانون الأساسي الفلسطيني لا سيما المادة "9" التي كفلت عدم التمييز بين المواطنين، وقانون الخدمة في قوى الأمن لا سيما المواد من "17" إلى "22" والمواد "174" إلى "177" التي كفلت حماية حقوق الموظفين العموميين.
ونوه إلى أن آخر جرائم عباس وحكومته كانت عبارة عن قطع رواتب "5038" مستفيداً، شملت شرائح جديدة كالأسرى في سجون الاحتلال، والأسرى المحررين، والجرحى، وأسر الشهداء.
وأضافت "كان آخر هذه الجرائم إقدام عباس وحكومته على موجة جديدة ومركزة من قطع رواتب الموظفين، فقد تم قطع رواتب (5038) مستفيدًا، شملت شرائح جديدة كالأسرى في سجون الاحتلال، والأسرى المحررين، والجرحى، وأسر الشهداء، وما زالت هذه الجرائم تأخذ منحىً متصاعدًا (عموديًا وأفقيًا) ضد أبناء شعبنا، في انتهاك صارخ لأبسط معايير حقوق الإنسان.
ولم تستبعد نعيم أن تُقدم السلطة في المستقبل القريب على مزيد "من هذه الإجراءات الإجرامية التي قد تصل إلى حد تصفير رواتب الموظفين في قطاع غزة؛ تمهيداً لخطوة الفصل الكامل بين الضفة والقطاع، ما يستدعي تحركًا سريعًا وواسعًا على مستوى الكل الوطني وليس على المستوى الفصائلي الحزبي".
وأوصت نعيم بضرورة التأكيد أن رواتب الموظفين ومخصصات الشهداء والجرحى والأسرى هو حق ثابت وشرعي وقانوني، كفلته القوانين والتشريعات الفلسطينية، وغير مسموح المساس به بتاتاً، والمساس به جريمة يعاقب عليها القانون.
وشددت على أن عباس فاقد للشرعية، "وأن هذه الإجراءات الإجرامية بحق الموظفين العموميين لا زالت مستمرة رغم التحذيرات الحقوقية والقانونية بانتهاء ولايته، وتحميله كامل المسئولية عن ذلك".
ودعت لضرورة التصدي لهذه "الإجراءات الإجرامية" على مستوى الكل الوطني من خلال تشكيل لجنة طوارئ وطنية تضم فصائل العمل الوطني كافة لمواجهة هذه السياسات الإجرامية.
وطالبت المجلس التشريعي بدراسة قانون الخدمة المدنية رقم (4) لسنة 1998م وتعديله بما يحقق العدالة الاجتماعية، وتشكيل لجنة حكومية من الوزارات المختصة، تعمل على إعادة هيكلة العمل الإداري الحكومي في قطاع غزة.
وأكدت نعيم أهمية تبني رؤية إعلامية شاملة وواضحة وموجهة لفضح "الإجراءات الإجرامية المتخذة من قبل عباس وحكومته".
وشددت على ضرورة دعوة الأطراف المتضررة للجوء إلى الجهات القضائية المختصة ورفع دعاوى لدى المحاكم المحلية والإقليمية والدولية ضد عباس وحكومته.
ودعت "التشريعي" أيضًا للجوء إلى القضاء لاختصام عباس وحكومته فيما يرتكبونه من جرائم بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وتعزيز التحركات الشعبية لمواجهة هذه الإجراءات الإجرامية.
وطالبت نعيم جامعة الدول العربية وكافة الوسطاء للتدخل العاجل بشأن ارجاع حقوق الموظفين ومخصصات الشهداء والأسرى والجرحى، وضمان عدم اخضاعها للابتزاز
وأوصت بمخاطبة المؤسسات الدولية والإقليمية والمحلية التي تعنى بحقوق الإنسان لوضعها في صورة الأوضاع الإنسانية، "والجرائم المرتكبة من عباس وحكوماته غير الشرعية بحق الموظفين العموميين، وقيامها بضرورة التحرك العاجل للقيام بدورها تجاه هذه الحالة.
تدمير الإنسان
وقال النائب عن كتلة فتح البرلمانية رجائي بركة "نحن لا نملك بترولًا ولا ذهبًا، كل ما نملكه هو الإنساني الفلسطيني؛ لكن عباس وحكومته أصرّوا أن يدمروا هذا الانسان عبر قطع الرواتب".
وأضاف بركة "قتلوا الانسان الفلسطيني وهو أغلى ما نملك.. قتلوه سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا بهدف أن يصبح فاقدًا للأهلية، وكل هذه الجرائم لا بد للمجتمع الدولي أن ينتبه لما يقوم به عباس".
وتابع حديثه "خابت السلطة وكل من يظن أنه قادر على تركيع غزة وأهلها، لا بد أن يقف الكل الوطني أمام مسؤولياته، والعمل على إخراج قطاع غزة مما هو فيه الآن".
واتفق معه النائب عن كتلة حماس البرلمانية يوسف الشرافي، متسائلًا: "لماذا تُقطع رواتب الشهداء والجرحى والأسرى؟، مؤكدًّا أن عباس يريد من ذلك محاربة كل من له صلة بالمقاومة.
واستغرب الشرافي ما أسماه "تباكي عباس وسلطته على قطع الاحتلال مخصصات من أموال السلطة الفلسطينية؛ في وقت هم يقطعون رواتب الشهداء والأسرى.. كيف يجتمع ذلك؟".
صندوق وطني
وطالب الشرافي بإنشاء صندوق وطني ترعاه الفصائل الفلسطينية ويدعمه أحرار العالم لدعم أهالي الشهداء والجرحى والأسرى الذين قطعت رواتبهم.
ودعا لخطوات عملية لمحاكمة عباس، داعيًا الحكومة في غزة بتعويض الموظفين الذين قطعت رواتبهم وممن هم على رأس عملهم وصرف رواتب لهم، أسوةً بموظفي غزة
ووافقه النائب عاطف عدوان لتكليف اللجنة القانونية بالمجلس التشريعي أو تشكيل لجنة وطنية لتقديم لائحة اتهام ضد عباس وتقديمه للمحاكمة
وأضاف عدوان: "يجب أن يحاكم هذا الرجل الذي هدم قضيتنا"، مشددًا على ضرورة أن تضغط المقاومة الفلسطينية على الاحتلال؛ لأنه يحمي عباس"، على حد وصفه.
وطالب بإنشاء صندوق وطني لمخاطبة أحرار العالم لتوفير أموال لهذا الصندوق وتقدّم للذين قطعت رواتبهم من أهالي الشهداء والجرحى والأسرى.
خارجة عن القانو
ووصف النائب عن كتلة فتح البرلمانية ماجد أبو شمالة إجراءات السلطة الأخيرة وقطع رواتب المئات من المواطنين في غزة بسلوك خارج عن القانون، مؤكدًا أن حقوق شعبنا لا تسقط بالتقادم.
وشدد أبو شمالة بقوله: "ليس من حق أحد أن يمنع الأموال عن شعبنا؛ ما يمارس اليوم هو جزء من صفقة القرن، ووقف الرواتب هو "بروفا" (شيء تمهيدي)، ومخطأ من يعتقد أن هذا الأمر سيقف على ذلك".
وأضاف: "آن الأوان لنقول للدول العربية والمانحة أن عليهم أن يتأكدوا أن أموالهم يجب أن تذهب لمستحقيها من شعبنا؛ آن الأوان أن نقف جميعًا لمواجهة هذا التغول من قبل عباس وسلطته التنفيذية على باقي السلطات ".
ودعا أبو شمالة لتشكيل لجنة وطنية تدير نضال جدّي لمخاطبة الجهات المعنية ووضعها بصورة هذه الإجراءات العقابية ضد غزة، داعيًا المجلس التشريعي لمخاطبة برلمانات العالم للضغط بوقف هذه الإجراءات بحق شعبنا.
من جهته، أكد النائب عن كتلة فتح البرلمانية أشرف جمعة أهمية إنشاء صندوق وطني لدعم المقطوعة رواتبهم، خاصةً أهالي الشهداء والجرحى والأسرى.
ودعا "جمعة" لتشكيل لجنة برلمانية للمتابعة مع مراكز حقوق الانسان، وكذلك دعوة مدير الصليب الأحمر ومنظمة "هيومن رايتس ووتش" والعفو الدولية؛ لأنهم ذوي اختصاص بالقانون الدولي واطلاعهم على انتهاكات السلطة صد قطاع غزة
وثيقة مخاطبة
وشدد النائب صلاح البردويل على أهمية اعتماد تقرير لجنة الرقابة بالمجلس التشريعي كوثيقة في مراسلات المجلس للخارج.
ودعا البردويل لخروج مئات الآلاف من جماهير شعبنا بمظاهرات حاشدة في غزة والخارج ضد أي خطاب لعباس، وأن يرفعوا بطاقات حمراء تطالب برحيله.
وأضاف: "يجب أن يُفضح أمام المانحين، يجب توجيه رسائل للدول الأوروبية أن جرائم محمود عباس بحق شعبه تؤدي لعدم استقرار بالمنطقة، وعلى الأوروبيين أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه الإفقار المتعمّد لأهل غزة".
النائب محمود الزهار عن كتلة حماس البرلمانية اتفق معه في ذلك، ودعا لإرسال تقرير مفصّل بما وصفه "جرائم عباس ضد غزة" أن يرسل لكل منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية، واطلاعهم بهذه الجرائم".
ورفض الزهار وصف إجراءات السلطة ضد قطاع غزة بالعقوبات، مؤكدًّا أن الوصف الدقيق لها هي "جرائم".
وفي ختام الجلسة أقر نواب المجلس التشريعي (نواب كتلة التغيير والإصلاح التابعة لحركة حماس، ونواب آخرين من كتلة فتح البرلمانية" بالإجماع تقرير لجنة الرقابة بالمجلس.