استكمل الرئيس السوداني عمر البشير قراراته التي شملت إعلان الطوارئ وإرجاء تعديلات دستورية تسمح له بالترشح مجددا للرئاسة بتعيين نائب أول له ورئيس للوزراء، في حين رفضت المعارضة إجراءاته التي أثارت المزيد من المظاهرات المناهضة لنظامه.
فقد أعلنت الرئاسة السودانية اليوم السبت أن البشير عين بموجب مرسوم جمهوري وزير الدفاع الفريق أول عوض بن عوف نائبا أول له مع احتفاظه بمنصبه الذي يشغله منذ عام 2015، ليخلف بذلك الفريق أول ركن بكري حسن صالح الذي يوصف بأنه حليف قديم للبشير.
وكان بن عوف قد تولى سابقا منصبي نائب رئيس هيئة الأركان ومدير الاستخبارات العسكرية. وبموجب مرسوم آخر تم تعيين محمد طاهر إيلا رئيسا للحكومة الجديدة التي باتت حكومة تصريف أعمال، وكان الرجل واليا لولاية الجزيرة، وفي أواخر 2017 قال البشير إنه سيدعمه لو قرر الترشح لانتخابات 2020.
وبالتزامن، أفاد مراسل الجزيرة بأن حزب المؤتمر الوطني الحاكم قرر تأجيل مؤتمره العام الذي كان مقررا في أبريل/نيسان المقبل إلى أجل غير مسمى، وهناك تضارب حول ما إذا كان البشير قرر التخلي عن رئاسة الحزب.
وكان الرئيس السوداني أعلن في خطاب ألقاه الليلة الماضية من القصر الجمهوري عن فرض حالة الطوارئ لمدة عام واحد، وحل الحكومة المركزية وحكومات الولايات مع إعفاء كل الولاة والاستعاضة عنهم بعسكريين وأمنيين.
وقرر البشير الاستعاضة عن حكومة التوافق الوطني بحكومة كفاءات تكون مهمتها التصدي للأزمة الاقتصادية، وقد أبقى على وزراء الدفاع والخارجية والعدل فيها.
وبالإضافة إلى حل الحكومة المركزية، دعا البشير البرلمان لإرجاء مناقشة التعديلات الدستورية التي تسمح له بالترشح لانتخابات 2020، وحث كل القوى السياسية والحركات المسلحة غير المنخرطة في عملية السلام لحوار برعايته يضم الموالين والمعارضين.
المعارضة ترد
بيد أن قرارات الرئيس السوداني -التي جاءت مع دخول الاحتجاجات شهرها الثالث-جوبهت بالرفض من جل قوى المعارضة.
ونقل مدير مكتب الجزيرة في الخرطوم المسلمي الكباشي عن الأمينة العامة لحزب الأمة القومي المعارض سارة نقد الله قولها إن خطاب البشير كان مخيبا للآمال ولا يعني حزبهم، معتبرة أن ما ورد فيه محاولة لكسب الوقت في مواجهة الاحتجاجات التي دخلت شهرها الثالث.
وكان حزب الأمة رد على القرارات الرئاسية بإعلان تمسكه بالنضال السلمي، وفق ما ورد في بيان له.
كما قال القيادي في تحالف الإجماع الوطني المعارض ساطع الحاج إن دعوة الرئيس للحوار تجاوزها الزمن، وتجاوزها منطق الشارع. وأضاف أن من يريد حوارا حقيقيا في السودان عليه أن يرفع القبضة الأمنية، ويوفر مناخا من الحريات العامة.
بدوره، أكد تجمع المهنيين السودانيين -الذي يضم أحزابا وشخصيات معارضة-أن المظاهرات ستستمر حتى يتنحى البشير عن الحكم الذي يتولاه منذ 1989.
كما رفض حزب الأمة بقيادة مبارك الفاضل أي حلول لا تخاطب جوهر الأزمة السودانية وتلتف على مطالب ما وصفها بثورة السودانيين، وشدد على تنحي الرئيس، في حين دعا حزب البعث العربي الاشتراكي بدوره لمواصلة التظاهر حتى إسقاط النظام.
في المقابل، قال رئيس تحرير صحيفة "آخر لحظة" السودانية أسامة عبد الماجد للجزيرة إن قرارات الرئيس صممت بشكل جيد، وجاءت بعد مشاورات معمقة أجراها حزب المؤتمر الوطني الحاكم، معتبرا أنها بمثابة إعلان للجمهورية الثالثة.
تجدد المظاهرات
ورد بعض السودانيين على قرارات الرئيس البشير بتنظيم المزيد من الاحتجاجات، ولكن على نطاق محدود.
وخرجت صباح اليوم السبت مجموعة من طالبات جامعة الأحفاد للبنات في مدينة أم درمان في مظاهرة طالبت برحيل النظام والحرية والعدالة.
وتضمنت هتافات المتظاهرات رفضا لقرارات البشير بحل حكومته وفرض حالة الطوارئ، كما تداول ناشطون مقاطع مصورة لمظاهرات خرجت اليوم في بعض مناطق الخرطوم، وبمدينة ود مدني جنوب العاصمة، في حين أظهر مقطع آخر تعزيزات أمنية بالخرطوم.
وتأتي المظاهرات الجديدة على الرغم من فرض حالة الطوارئ التي يفترض أن تقيد التجمعات والحريات، لكن مدير مكتب الجزيرة نقل عن مدير جهاز الأمن السوداني قوله إن الطوارئ تستهدف مكافحة الفساد لا تقييد الحريات.
وكانت مظاهرات ليلية عمت عددا من أحياء العاصمة الخرطوم بعد خطاب البشير، وأعلن المتظاهرون في هتافاتهم ولافتات رفعوها رفضهم القرارات، وتمسكوا برحيل النظام.
في السياق، اعتقل جهاز الأمن السوداني رئيس تحرير صحيفة التيار السياسية اليومية عثمان ميرغني من مقر الصحيفة ونقله إلى جهة غير معلومة.
وقال مسؤولون في الصحيفة للجزيرة إن ميرغني اعتقل بعد خطاب البشير مباشرة.
المصدر: الجزيرة + وكالات