لم يتأثر عبد الرؤوف المحتسب – 61 عاما- بالاغراءات المالية أو اعتداءات المستوطنين على بيته ومحله المطلين على الحرم الإبراهيمي، فمنذ أكثر من أربعين عاما بعدما ورث البيت عن والده يتلقى عروضا مغرية من جمعيات تود شراء البيت لكن تبين له فيما بعد أنها تتبع لمستوطنين.
ويعتبر المحتسب نموذجا يحتذى به في الصمود والتحدي والمقاومة، فهو رغم ما تعرض له من أذية إلا أنه لم يتنازل لبيع بيته الذي وصل ثمنه إلى 100 مليون دولار.
ويجاهد المحتسب بشكل يومي للوصول لمنزله المطل على الحرم الابراهيمي بسبب الحواجز (الإسرائيلية) كونه محاطا بالمستوطنات لكنه يرفض التخلي عنه.
ولا يبعد البيت الذي يطمع الاحتلال بالسيطرة عليه، عن الحرم الابراهيمي سوى بضعة أمتار، فهو لا يغادره سوى للصلاة أو الجلوس أمام محله الذي يبيع فيه الكوفية وبعض المطرزات للسياح القادمين من الخارج.
البيت المكون من طابقين وبمساحة تبلغ 800 متر وثمنه لا يصل إلى مليون دولار، ورثه المحتسب عن والده "عبد الرازق" وهو محافظ الحرم الإبراهيمي السابق الذي كان خادما للمكان وأبناءه الـ 27.
عبر الهاتف تواصلت "الرسالة" مع وارث البيت "عبد الرؤوف" فبدأ حديثه بالقول:" من يفرط في بيته ومقدساته للاحتلال لا يمتلك أي وطنية (..) لست ضد اليهودية بل أبغض المحتل وأقاومه بالتمسك بالبيت".
وتابع:" لن أتخلى عن البيت مهما وصلت العروض المالية"، لافتا إلى أن ما يملكه يعد وقفاً اسلاميا وملكا للمسلمين والعرب، ولا يمكن التصرف به.
وقدم المستوطنون منذ سنوات طويلة الاغراءات المالية لعائلة المحتسب بدءا بمبلغ ستة ملايين دولار حتى وصلت مؤخرا إلى 100 مليون، بالإضافة إلى عروض أخرى تمكنهم من السفر لخارج فلسطين واستثمار ما سيحصل عليه لفتح تجارة في الخارج.
ويخبر "الرسالة" أنه كما ورث حب الأرض والوطن عن والده علم ذلك لأبنائه، مبينا أن بيته أصبح مزارا للسياح الأجانب ومنهم اليهود الذين يعيشون في أوروبا حيث يتولى ابنه "محمد" الحديث عن معاناتهم وما يتعرضون له من إساءة من قبل المستوطنين.
وعن المعاناة التي يتلقاها يوميا من المستوطنين، ذكر المحتسب أن المستوطنين كثيرا ما يدفعون جنود الاحتلال للاعتداء عليه وعائلته، وكذلك اغلاق محله من حين لآخر، مبينا أن المستوطنين اقتحموا محله أكثر من مرة ودمروه وألقوا ما فيه خارج المحل.
ويؤكد خلال حديثه "للرسالة" أنه سيبقى حارسا للمسجد الإبراهيمي مهما تعرض من مضايقات وتهديدات أو اغراءات تجعل حياته المادية أفضل.
وبحسب المحتسب كلما كثرت عروض المستوطنين لبيع بيته يزداد تمسكا بأرضه، لافتا إلى أن هناك بعض المواطنون الفلسطينيين يضعفون أمام تلك الاغراءات المالية، معلقا "من يدرك معني فلسطين يعرف أنها ليست للبيع".
يذكر أن عدد المستوطنات الإسرائيلية في مدينة الخليل حوالي 30 مستوطنة، وأكثر من 25 بؤرة استيطانية، فيما تفرض سلطات الاحتلال إغلاقا شاملا على البلدة القديمة.