تطوي صحيفة الرسالة في هذا العدد صفحتها المطبوعة الأخيرة بعد 22 عاماً من الصولات والجولات في المشهد الإعلامي الفلسطيني، واكبت خلالها أحداث حفرت عميقا على وجه القضية، فلسطين والإنسان.
بين الصفحة الأولى للرسالة في العام 1997 والصفحة الأخيرة في العام 2019 محطات عديدة، توثق وتؤرخ للسيرة الوطنية منذ تشكل السلطة الفلسطينية، مروراً بالانتفاضات والحروب والانتخابات والتوافقات والانقسامات والمبادرات، حتى أصبحت الرسالة مرجعا ووثيقة لمن أراد أن يسبر أغوار عقدين من عمر القضية الفلسطينية.
من يقلب أعداد وصفحات أرشيف الرسالة ورقياً أو الكترونياً يستطيع أن يعيش خلال ساعات؛ تقلبات الحالة الفلسطينية ويرى فيها العجب العجاب، خصوصاً وأن الرسالة مخضرمة في سياساتها التحريرية حيث نالت أوصافاً ولعبت أدواراً عديدة، فكانت صحيفة المعارضة وصحيفة الحزب وصحيفة المقاومة وصحيفة السلطة، كذلك كانت صحيفة إسلامية وصحيفة وطنية، رزينة أحياناً ومشاكسة أحياناً أخرى، حيرت المراقبين في السنوات الأخيرة وهي تخترق الخطوط الحمراء، وتفتح ملفات شائكة بجرأة متجاوزة قيود الصحافة الحزبية التي تنتمي لها.
اليوم تسلم الرسالة الورقية الأمانة للرسالة الرقمية، وهي توصيها خيراً بالمواطن الفلسطيني الذي كان حاضراً في ثنايا الصفحات وبين الزوايا وفي ظل الأعمدة، أمانة تستدعي تحمل المسئولية عن المحتوى والمضمون في انطلاقتها الجديدة.
تسلم الرسالة الورقية الراية للرسالة الرقمية وهي تؤمن أنَّ التغيير سنة الحياة وأن كباراً في الصحافة العالمية تحولوا للرقمية، وأن التحدي الحقيقي هو الانتقال السلمي الآمن دون ضحايا أو خسائر وهو ما استعدت له الرسالة الرقمية مبكراً عبر منصاتها وأدواتها من الفنون الصحفية الحديثة.
سنفتقد رائحة ورق وأحبار الرسالة، وسنفقد حضورها الملموس بين أيدينا، لكن عزاؤنا أنها باقية أمام أعيننا عبر شاشات الكمبيوتر والهواتف، غنية بالكلمات والألوان، صوتاً وصورة وفيديو، بحيوية الشباب.
كذلك يعز على هذا العمود " الصوت العالي" وصاحبه، فراق الصفحة الثالثة، لكن ما يعوضه أنه سيرافق الرسالة إلى محطتها الرقمية التالية، لذا فهو وداع مؤقت.
وداعاً للرسالة في طبعتها الأخيرة، وإلى لقاء.