يحاول الاحتلال الإسرائيلي التضيق على أهالي القدس بمصادرة أراضيهم وبيوتهم من جهة، وفرض ضرائب تعجيزية على المواطنين المقدسيين ومن ضمنها ضريبة الأرنونا، من جهة أخرى.
ووفقا لمركز الحقوق الاجتماعية والقانونية في القدس فإن بلدية الاحتلال هي التي تعمل على جباية الضريبة وبشكل متساوِ بغض النظر عن موقع العقار أو المساحة.
وجاء في تقرير للمركز تعرفه هذه الضريبة المفروضة على أحياء راقية في القدس الغربية مثل حي “رحافيا” هي نفس التعرفة المفروضة على الأحياء العربية الفقيرة في القدس القديمة، والقرى العربية المحيطة فيها، وهي نفس التعرفة المفروضة على محل تجاري في شارع يافـا الشهير ذي الحركة التجارية النشيطة وعلى محل تجاري في العيسوية أو أم طوبا أو جبل المكبر الذي لا يكاد دخله يسد نفقاته، واضطر مالكه لإغلاقه لعدم قدرته على دفع الضرائب مثلما هو حاصل مع مائتين وخمسين حانوتا تمثل ربع المحلات التجارية في القدس القديمة.
وبحسب المركز فإن هذه الضريبـة يجب أن تجبى من أجـل تقديم الخدمات للسكان، إلا أنها تجبى مـن المقدسيين الفلسطينيين الذين يشكلون 35% من سكان القدس الغربية والقدس الشرقية من أجل تقديم نفقات جديدة لصالح اليهود والمستوطنين في القدس الغربية ، في مخالفة واضحة لكل أعراف الإنسانية وحقوق الإنسان وبعنصرية واضحة تجاه المقدسيين العرب، وكل ذلك يبدو واضحا خلال مشاهدة الفوارق العمرانية في الشوارع والإنارة والمدارس والنظافة وغيرها، مع أن قادة إسرائيل ومسؤولي البلدية لا يتركون مناسبة إلا ويؤكدون فيها “أن القدس موحدة ” تحت السيادة الإسرائيلية.
ولقد تمادى الاحتلال في فرض ضرائبه حيث فرضها أيضا على أماكن العبادة والكنائس والممتلكات المسيحية التي كانت تعامل عبر تاريخ القدس الطويل، كدور عبادة ما اعتبتها كل الدول وقفا لصالح مسيحي القدس ولخدمة الكنيسة.
حيث قدمت النائبة راشيل عزريا من "حزب كلنا" الوسطي مشروع قانون إسرائيلي يتعلق بفرض الضرائب على عقارات وأملاك الكنائس في القدس الشرقية، ما يعتبر تعديا واضحا للقانون الذي يحكم الكنائس المسيحية في فلسطين منذ قرون.
وتشكل العقارات والأراضي التابعة للكنائس حوالي 30% من مساحة القدس الشرقية، في حين يتراوح عدد المسيحيين بالقدس من 10 إلى 12 ألف نسمة من إجمالي عدد السكان البالغ عددهم ثلاثمئة ألف فلسطيني، حسب وكالة الأناضول.
وبعد أن أثير موضوع الضرائب على الكنائس العام الماضي ما أدى إلى اغلاق بوابات كنيسة القيامة لعدة أيام متواصلة تراجع نتنياهو عن قراره وأجل البث في القانون المقترح، بالإضافة إلى تدخل بعض من الدول الأوروبية، ولكن ها هو اليوم يعود موضوع الضرائب المفروضة على دور العبادة للظهور مؤخرا، حيث طالبت أوساط يهودية بإعادة فرض ضريبة الأرنونا على الكنائس في القدس.
الدكتور أحمد أبو حلبية رئيس مؤسسة القدس الدولية عقب على موضوع الضرائب في مقابلة مع الرسالة لافتا إلى تجاهل العالم لكل محاولات التهويد التي يتعرض لها سكان مدينة القدس ومن ضمنها الضرائب التي تفرض عليهم وعلى مشاريعهم التجارية وبيوتهم بل حتى تفرض على استخداماتهم الشخصية من أدوات كهربائية داخل المنزل، وكل هذا بهدف تهجير أهالي القدس من بيوتهم والإقامة في مناطق تابعة للسلطة.
وأكد أبو حلبية على أن مسيحي القدس ليسوا بمنعزل عن هذا النوع من القمع والتهجير، فهم يلوحون الآن بإعادة فرض ضريبة الأرنونا على الكنائس وأماكن العابدة وهو سابقة في التاريخ، فلم يسبق لأي دولة حكت القدس بأن فرضت ضرائب على المساجد والكنائس، وكل هذا بهدف تهجير المسيحين والمسلمين من المدينة المقدسة منوها إلى أن أعداد المسيحين الآن في تناقص ملحوظ جدا في السنوات الخمس الأخيرة وخاصة في مدينة القدس وكل ذلك بسبب سياسة الاحتلال في التعامل مع غير اليهود في المدينة.
وقد قال المرصد الأرو متوسطي في تقريره الشهري عن الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال بحق سكان مدينة القدس من المسلمين والمسيحيين بأن انتهاكات "إسرائيل" في القدس قد زادت كماً وكيفاً بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب في ديسمبر عام 2017 نقل سفارة الولايات المتحدة إلى المدينة المقدسة باعتبارها العاصمة الموحدة لإسرائيل.
ووثق تقرير الأورومتوسطي سلسلة من انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان في القدس تشمل الاعتقالات التعسفية وسياسة دهم المنازل والاعتقال وتقييد الحريات وحظر إقامة فعاليات فلسطينية إضافة إلى الإبعاد العسكري وأوامر منع السفر، فضلًا عن الاستيطان والتهويد والهدم ومنع تراخيص البناء.