في كل عام، وقبيل مجيء شهر رمضان المبارك، تتزين أسواق قطاع غزة بالمواد الغذائية والتموينية المختلفة، إذ يتنافس التجار لعرضها بطرقٍ تجذب أكبر قدرٍ من الزبائن لإقناعهم بشرائها، لتملأ موائد وجبتي السحور والإفطار الرئيستين خلال الشهر المبارك.
ومع اقتراب شهر رمضان، ينتظر التجار حركة السوق على أحر من الجمر، إذ تعيش الأسواق خلال هذه الأيام حركة كساد غير مسبوقة، نتيجة مفاقمة الحصار (الإسرائيلي) المستمر على غزة منذ العام 2007، وبعد أن زج رئيس سلطة فتح محمود عباس نفسه شريكاً فيه بفرضه إجراءات عقابية ظالمة أثقلت كاهل موظفي رام الله وبقية أهالي قطاع غزة.
الكساد الذي يخيم على الأسواق الغزية، جعل المنافسة فيه قبيل رمضان ليست للمظهر أو لتزيين البضائع كما تجري العادة فقط، وإنما أشعل منافسةً شرسة على الأسعار، إذ يحرص التجار على تخفيض سعر البضائع إلى أكبر قدرٍ ممكن تجنباً للخسارة، وأملاً بالحصول على أكبر مبلغٍ من السيولة المالية.
التجار يترقبون
يحكي محمود خليل تاجر مواد غذائية، أن استعداداته لشهر رمضان الذي بات قدومه على الأبواب، مختلفة عن كل عام، إذ اختزلت مشترياته بجلب البضائع الأقل سعراً والأكثر استهلاكاً من المواد الأساسية التي لا يمكن للمستهلك الاستغناء عنها، بينما قلت نسبة الكماليات مثل التمور والعصائر إلى أكثر من 70%، خوفاً من كسادها وتكبده خسائر في حال عدم بيعها.
ويكشف خليل في حديثه مع "الرسالة"، أنه خلال رمضان الماضي جلب أكثر من 200 كرتونة تمر وأكثر من 300 جالون عصير، إلا أنه في رمضان هذا العام سيكتفى بـ 40 كرتونة تمر و50 جالون من العصير، نظراً لحركة السوق التي تدنى الاستهلاك فيه لأقل نسبة منذ بدء الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة.
ويأمل التاجر أن يعيش القطاع انفراجه قبل مجيء شهر رمضان، عله ينعكس بالإيجاب على حركة السوق، التي باتت تهدد مئات التجار، بخسائر مالية غير مسبوقة، وقد تجعل العديد منهم يختفون من السوق.
الفقراء على أمل
ومع اشتداد سوء الظروف الاقتصادية، تترقب الأسر الفقيرة في قطاع غزة، المساعدات الإنسانية التي تقدمها المؤسسات الدولية، والدول المانحة، إذ تمثل هذه المساعدات مخرجاً لآلاف الأسر الفقيرة التي لا تتحمل عبء مصاريف رمضان الزائدة.
تحكي الحاجة أم أحمد 54 عاماً، أنها تعتمد وعائلتها المكونة من 16 فرداً، على ما يقدم لها من مساعدات إنسانية خلال شهر رمضان المبارك، إذ تنهش البطالة أجساد اثنين من أبنائها المتزوجين، ما جعلهم يترقبون ان يمد أهل الخير لهم العون للاستعداد لمتطلبات شهر رمضان الكثيرة.
وتأمل أم أحمد خلال حديثها مع الرسالة، أن يستفيد أبناؤها من القسيمة الشرائية التي من المقرر أن تقدمها دولة قطر للفقراء، وتقول "إنها ستعينهم على جلب المواد الغذائية لوجبة السحور على الأقل"، مضيفة أن المخرج من وضعهم الاقتصادي الصعب، يتمثل في كسر الحصار عن قطاع غزة، ليعود أبناؤها للعمل في مهنة السباكة التي يجيدونها.
أزمة الرواتب
ومما لا شك فيه أنه أزمة الرواتب التي يعيشها موظفو سلطة رام الله، وحكومة قطاع غزة، تعتبر من أهم الأسباب التي دهورت حركة الشراء في السوق، إذ يأمل الموظفون ان يتلقوا أعلى نسبة صرف من رواتبهم التي تدنت إلى 50% لموظفي السلطة، واستقرت على 40% لموظفي غزة.
ويشير التاجر عماد البشير أن قرار بنك فلسطين بوقف خصم القروض المالية عن الموظفين لأربعة شهر، قد ينعكس بالإيجاب على حركة السوق، إذ سيتلقى آلاف المقترضين رواتب تزيد عن 1500 شيكل لأول مرة منذ إجراءات محمود عباس باقتطاع رواتب موظفي غزة.
الجدير ذكره، ان قطاع غزة يترقب تنفيذ الاحتلال الإسرائيلي تفاهمات التهدئة قبيل رمضان، التي رعتها المخابرات المصرية، إذ تشمل هذه التفاهمات العديد من التسهيلات الاقتصادية وتخفيف شدة الحصار، ما سينعكس بالإيجاب على ظروف وحياة المواطنين.