جاءت بقرة إلى قصر السلطان وقالت لحرّاس القصر: – اخبروا السلطان بأن بقرة تريد مقابلته،
أرادوا صرفها، فبدأت تخور وقالت: – لن أخطو خطوة واحدة من أمام الباب قبل أن أواجه السلطان .
أرسل رئيس الحرس للسلطان يقول:– مولانا، بقرة من رعيتكم ترجو المثول أمامكم.
أجاب السلطان:- لتأتِ . ولنرَ بأيّ حال هي هذه البقرة !
قال لها السلطان:– خوري لنرَ ما ستخورين به !
قالت البقرة:– مولاي، سمعت بأنك توزّع أوسمة، فأنا أريدُ وساماً.
صرخ السلطان:– بأي حقّ ؟ و ماذا قدّمت ؟ ما نفعك للوطن حتى نعطيك وساماً !؟
قالت البقرة:– إذا لم أعط أنا وساماً فمن يُعط غيري ؟؟؟ تأكلون لحمي وتشربون حليبي وتلبسون جلدي. حتى روثي لا تتركونه وتستعملونه للتدفئة. فمن أجل وسام من التنك، ماذا عليَّ أن أعمل أيضا ؟؟؟
وجد السلطان الحق في طلب البقرة، فأعطاها وساماً من الدرجة الثانية.
علقت البقرة الوسام في رقبتها، وبينما هي عائدة من القصر، ترقص فرحاً، التقت البغل، ودار بينهما حديث:– مرحباً أختي البقرة..– مرحبا أخي البغل ! ما كل هذا الانشراح ؟ من أين أنتِ قادمة ؟
شرحت البقرة كل شيء بالتفصيل، هاج البغل. وبهياجه، و بنعاله الأربعة، ذهب إلى قصر السلطان:
قال للحرس: – سأواجه مولانا السلطان !
قال له الحرس: ممنوع
إلاَّ أنه وبعناده الموروث عن أبيه، حرن وقعد على قائمتيه الخلفيتين، وأبى التراجع عن باب القصر.
نقلوا الصورة إلى السلطان، فقال:– البغل أيضا من رعيتي، فليأت ونرى ؟؟
مَثُلَ البغل بين يدي السلطان، وألقَى سلاماً بغلياً، وقبَّل اليد والثوب، ثم قال أنه يريد وساماً.
سأله السلطان:– ما الذي قدمته حتى تحصل على وسام ؟؟
قال البغل :- يا مولاي.. ومن قدم أكثر مما قدمت أنا ؟.. ألستُ من يحمل مدافعكم وبنادقكم على ظهره أيام الحروب ؟، ألست من يَركَب أطفالكم وأولادكم ظهره أيام السِّلم ؟؟.. لولاي يا مولاي ما استطعتم فعل شيء.
أصدر السلطان – إذ رأى البغل على حق – قراراً:- أعطوا مواطني البغل وساماً من الدرجة الأولى.
وبينما كان البغل عائداً من القصر بِنِعالِه الأربع، وهو في حالة فرح قصوى.. التقى الحمار.
قال الحمار:– مرحباً يا ابن الأخ.
قال البغل:– مرحباً أيها العم.
– من أين أنت قادم وإلى أين أنت ذاهب ؟
حكى له البغل حكايته. حينها قال الحمار:– ما دام الأمر هكذا سأذهب أنا أيضاً إلى سلطاننا وآخذ وساماً ! وركض بنعاله الأربعة إلى القصر.
صاح حراس القصر فيه، لكنهم لم يستطيعوا صدّه بأي شكل من الأشكال، فذهبوا إلى السلطان وقالوا له:– مواطنكم الحمار يريد المثول بين أيديكم. هلا تفضلتم بقبوله أيها السلطان ؟؟
مثل الحمار أما السلطان.
و قال السلطان:- ماذا تريد يا مواطننا الحمار ؟
أخبر الحمار السلطان رغبته. فقال السلطان وقد وصلت روحه إلى أنفه:– البقرة تنفع الوطن والرعية بلحمها وحليبها وجلدها وروثها. وإذا قلت البغل، فإنه يحمل الأحمال على ظهره في الحرب والسِّلم، وبالتالي فإنه ينفع وطنه. فماذا قدمت أنت حتى تأتي بحمرنتك وتمثل أمامي- دون حياء – وتطلب وساماً ؟.. ما هذا الخلط الذي تخلطه ؟
قال الحمار مبتهجا:– رحماك يا مولاي السلطان. إنّ أعظم الخدمات هي تلك التي تقدم إليكم من مستشاريكم الحمير. فلو لم يكن العشرات من الحمير مثلي في مكتبكم، أكنتم تستطيعون الجلوس على العرش ؟.. هل كانت سلطتكم ستستمر لولا الحمير؟.. وكذلك لو لم تكن رعيتكم من الحمير لما بقيت أنت في الحكم !!!.
أيقن السلطان أنّ الحمار الذي أمامه يقول كلاما حق … لذا قرر أنه لا يستحق وسام من التنك كغيره … بل تفتح له خزائن الإسطبل ليغرف منها كما يغرف غيره من الحمير !!!.