يحاول الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إيجاد مدخل جديد لصفقته المرفوضة فلسطينيا، من خلال استغلال الوضع المالي المتأزم للسلطة، لذا قرر التركيز على المنافع الاقتصادية كمرحلة أولى.
وأعلن البيت الأبيض انطلاق المرحلة الأولى من الخطة، من العاصمة البحرينية، المنامة، في يونيو المقبل، على شكل ورشة اقتصادية دولية "هدفها تشجيع الاستثمار في الأراضي الفلسطينية" المحتلة.
وذكرت شبكة "سي إن إن" الأميركية، في وقت سابق، نقلا عن مصدر مطلع في البيت الأبيض، أن الإدارة الأميركية ستعلن عن الخطوات الأولى في طريق الإعلان عن "صفقة القرن".
وأشار تقرير "سي إن إن" إلى أن المسؤولين في البيت الأبيض سيعلنون عن الجزء الأول الذي يعنى بالشق الاقتصادي من الخطة، والذي يتمثل بعقد مؤتمر اقتصادي في العاصمة البحرينية المنامة، بعنوان "الرخاء من أجل السلام".
ولفت المصدر إلى أن الشق الاقتصادي في "الصفقة" الأميركية يبدأ بتنظيم المؤتمر في 25 و26 يونيو لبحث ضح استثمارات اقتصادية إلى الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر.
الكاتب والمحلل السياسي الدكتور هاني المصري رأى أن "ورشة البحرين" الاقتصادية التي تترافق مع الحديث عن تأجيل طرح "صفقة ترمب"، تدل على أن إدارة ترمب فشلت في تسويقها.
وذكر أن الفلسطينيين والعرب لا يمكن أن يقبلوها، لذا تحاول الإدارة الأمريكية تمريرها بطريقة أخرى، من خلال المضي بالتطبيع العربي الإسرائيلي، وهذا يظهر من عقدها بالبحرين بحضور إسرائيلي، والسعي لشق الصف الفلسطيني والعربي عبر الرشوة بالسلام الاقتصادي.
ووفق المصري فإن المطروح تحسين حياة السكان بدون توقيع أو موافقة على مجمل الصفقة، في حين أن التعاطي مع الشق الاقتصادي ما هو إلا مقدمة لقبول الشق السياسي، الذي لا يتضمن أي حق فلسطيني، فلا توجد مشاريع اقتصادية بدون أهداف سياسية.
وقال مصدر "سي إن إن" إن الإدارة الأميركية ستعلن عن الشق السياسي لاحقًا، والذي سيعالج جميع القضايا الأساسية، والأجزاء الاقتصادية والسياسية تكمل بعضها البعض، ونحن لا نحاول تعزيز صنع سلام اقتصادي فقط، قررنا تقسيم إطلاق البرنامج بحيث يكون من السهل على الناس أن يفهموا ويتعمقوا في الأفكار".
ويبدو أن فريق ترمب للشرق الأوسط بقيادة صهره جاريد كوشنر ومبعوثه للمنطقة جيسون غرينبلات ينوي التركيز في بادئ الأمر على المنافع الاقتصادية المحتملة رغم وجود شكوك عميقة بين الخبراء بشأن فرص نجاح الخطة، خاصة في ظل فشل جهود سابقة دعمتها واشنطن على مدى عقود.
وترفض القيادة الفلسطينية التعاطي مع أية تحركات أميركية في ملف السلام، منذ أن أعلن ترمب، في 6 ديسمبر 2017، الاعتراف بالقدس عاصمة مزعومة لـ(إسرائيل)، ثم نقل السفارة الأميركية من (تل أبيب) إلى القدس في مايو 2018.
من جانبه يقول الكاتب الدكتور علاء أبو عامر إن صفقة القرن تتهاوى رسمياً، بعد أن طُبقت أغلب بنودها أمريكياً، لكنها رغم ذلك تبقى خطوات منفردة ومن جانب واحد، فهي لم تُغير شيئاً على الأرض سوى أنها جعلت الولايات المتحدة خارج القانون الدولي وهي بذلك فقدت مصداقيتها شريكا وراعيا لعملية التسوية الشرق أوسطية.
ولفت إلى أن كثرة تأجيل إعلانها تعني أن الفشل مصيرها فلسطينيا وعربيا، معتبرا أن المؤتمرات الاقتصادية لن تكون لمصلحتنا كفلسطينيين، بل سيُستخدم اسمنا لتمرير مليارات الدولارات الخليجية والعالمية للمشاريع التكاملية الخليجية- المصرية مع دولة الاحتلال تحت مسمى السلام الاقتصادي والتنمية في المنطقة.
واعتبر أبو عامر ذلك تطبيعا علنيا دون حل النزاع الأصلي وهو قضية فلسطين.
ويرى أن جوهر الصفقة لو أعلنت لما نصت سياسياً على أكثر مما هو حاصل فعلياً، حكم ذاتي للسكان دون الأرض، وانقسام جغرافي بين غزة والضفة، وإنهاء وضع اللاجئين بالتوطين عبر ضخ المليارات في اقتصاديات دول اللجوء، مشيرا إلى أن المبادرة ولدت ميتة وهي أولا وأخيراً لا علاقة لها بفلسطين بل بتطبيع خليجي صهيوني ليس إلا.
أما الكاتب والسياسي ذو الفقار سويرجو فذكر أن مؤتمر المنامة الاقتصادي سيكون نقطة تحول دراماتيكية في العلاقات الفلسطينية العربية، والفلسطينية الداخلية.
ويعتقد أن إحجام الفلسطينيين عن المشاركة سيضعهم تحت ضغط مالي جديد قد تشارك فيه دول عربية تلبية لرغبات ترمب، مما سيدفع الجهات الرسمية الفلسطينية في اتجاه قطر كخيار وحيد لا يوجد عليه معارضة فلسطينية داخلية واضحة.
وتوقع سويرجو أن قطر ستجمع الخصمين الفلسطينيين تحت مظلتها الاقتصادية في خطوة تحد للسياسة السعودية الغارقة في الوحل الأمريكي، موضحا أن ذلك سيكون له استحقاق جديد بتطور العلاقة القطرية التركية وتقارب قطري إيراني للمحافظة على لعبة التوازنات التي تسير على خيط رفيع.
المعطيات السابقة وبحسب سويرجو ستقود إلى تطور ملحوظ في ملف المصالحة كون كل المحددات السياسية التي ستنظم سياسة حماس والسلطة فيما يتعلق بالموقف من قطر ومصر والبحرين والسعودية والصفقة الأمريكية ستكون واحدة.