قائد الطوفان قائد الطوفان

أردوغان: عبرنا مرحلة تاريخية على طريق الديمقراطية

اسطنبول ـ وكالات

 

في سابقة تاريخية في الجمهورية التركية، أيد الأتراك بنسبة 58 في المئة، تعديلا دستوريا أساسياً شكل انتصارا للإصلاحات الديمقراطية و"منح الثقة" مجدداً لحكومة حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب اردوغان، واضعاً تركيا في موقع متقدم ضمن معايير كوبنهاغن السياسية وبالتالي عند عتبة عضوية الاتحاد الأوروبي، خصوصاً سيادة دولة القانون والحد من تدخل العسكر في الحياة السياسية.

 

اردوغان الذي عبّر عن ارتياحه لنتيجة الاستفتاء قال للصحافيين في اسطنبول أمس ان "نحو 58% من الناخبين" الاتراك وافقوا في استفتاء على تعديل يتضمن 26 بندا بينها بنود تتعلق بإعادة تنظيم الهيئات القضائية العليا المخترقة من "الدولة العميقة" والمناهضة لحزب العدالة والتنمية الذي يحكم تركيا منذ 2002.

 

وتعتبر هذه النتيجة تكريساً لأعلى مستوى من التأييد الشعبي يسجله زعيم تركي منذ تأسيس الجمهورية في عشرينيات القرن الماضي.

 

وأكد رئيس الوزراء الذي حمل حزب العدالة والتنمية بزعامته، البرلمان في ايار (مايو) على تبني هذه الرزمة من التعديلات على القانون الاساسي الذي وضعه العسكريون بعد انقلاب 1980 ان "الثاني عشر من ايلول (سبتمبر) سيشكل منعطفا في التاريخ الديموقراطي لتركيا"، مؤكداً ان "الخاسرين (في الاستفتاء) هم من يؤيدون الانقلابات ومن يقاومون التغيير".

 

وقال امام ناشطي حزبه "لقد عبر شعبنا مرحلة تاريخية على طريق الديموقراطية وسيادة دولة القانون"، كما اعتبر ان "موافقة أغلبية المواطنين على هذه التعديلات تعتبر بمثابة تصويت بالثقة لحكومتي" حسبما نقلت عنه قناة "سي بي أس" الأميركية.

 

وبلغت نسبة المشاركة في الاستفتاء ما بين 77و78 في المئة فيما دعي 49.5 مليون ناخب من اصل 73 مليون نسمة الى صناديق الاقتراع، وفيما ويتوقع ان تعلن النتائج الرسمية للاستفتاء اليوم.

 

وتشكل نتيجة الاستفتاء انتصارا كبيرا لاردوغان وحزبه قبل الانتخابات التشريعية المقررة في صيف العام 2011.

 

ومنذ ذلك التاريخ، لم يخسر حزب العدالة والتنمية اي انتخابات. وكان فاز في الانتخابات التشريعية الاخيرة العام 2007 بـ47 في المئة من الاصوات.

 

وعلق المحلل السياسي ترحان اردم عبر قناة "ان تي في" التلفزيونية ان "هذا الاستفتاء كان بمثابة تصويت على الثقة بحزب العدالة والتنمية، وقد فاز به". وقال المعلق البارز جنكيز تشاندر ان الاستفتاء يفتح الطريق لانتصار أكبر لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية المقبلة.

 

لكن القاضي السابق في المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان رضا تورمن اعتبر ان كون اكثر من اربعين في المئة من الناخبين رفضوا التعديل الدستوري يمثل "مشكلة كبيرة". وأضاف لقناة "سي ان ان" التركية "ينبغي ان يكون الدستور ثمرة عقد اجتماعي، ومن المؤكد ان الدستور الجديد ليس كذلك". وكرر اردوغان امس ان هذا الاصلاح يعزز المؤسسات الديموقراطية في تركيا ويشكل تاليا نقطة قوة لانقرة في ترشحها للانضمام الى الاتحاد الاوروبي.

 

ورحب بالمشاركة الكثيفة للاكراد على الرغم من دعوات قادة الاقلية الى المقاطعة، حيث يعتبرون ان الاصلاحات المقترحة لا تعزز حقوق الاكراد الذين يبلغ عددهم 15 مليونا في تركيا.

 

وخلال عملية التصويت، وقعت حوادث في جنوب شرق الاناضول ذي الغالبية الكردية، حيث منع ناشطون بعض الناخبين من الادلاء بأصواتهم. واعتقلت الشرطة نحو تسعين شخصا.

 

واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين في مرسين (جنوب) وأوقفت عشرة اشخاص.

وقال مصطفى سوزير "ان لم نقل لا الآن، فستفقد تركيا قيمها الجمهورية"، فيما توجه الى صناديق الاقتراع في انقرة الى جانب زوجته في مدرسة في حي شانكايا السكني الذي يعتبر معقلا للمعسكر العلماني.

 

وأشار هذا الصيدلي الى ان حزب العدالة والتنمية يستخدم خلال هذا الاستفتاء الذكرى الاليمة لانقلاب 1980 العسكري، في موقف "متعطش الى الانتقام" من الجيش الذي امسى في قفص الاتهام في تركيا، حيث يلاحق عشرات العسكريين قضائيا بتهمة التآمر على النظام.

 

ويحد الاصلاح من صلاحيات القضاء العسكري وينص على تعديل بنية هيئتين قضائيتين، لمصلحة السلطة.

وتشكل الهيئتان وهما المحكمة الدستورية والمجلس الاعلى للقضاء الذي يعين القضاة والمدعين، معقلين للتيار العلماني وخصوم الحكومة منذ فترة طويلة.

 

وخلال حملته، تحدث حزب العدالة والتنمية مرارا عن "المرحلة السوداء" لانقلاب 1980، مؤكداً انه يريد كسر "مظلة العسكريين" الذين يلاحق العشرات منهم في هذا البلد بتهمة التآمر على النظام. وسيتيح هذا التعديل الدستوري خصوصا محاكمة منفذي انقلاب 1980.

 

وسبق ان أطاح الجيش التركي بأربع حكومات منذ العام 1960.

 

البث المباشر