رضوان: عن أي "لقاءات جدية" يتحدث المفاوضون!
أبو عين: اللقاء في القدس الشرقية "محرم" والغربية "مشروع"
البرغوثي: آن الأوان للتراجع والعودة إلى موقف الإجماع
الصالحي: أمريكا لن تنجح في إلزام "إسرائيل" بمرجعية
فايز أيوب الشيخ
بالتزامن مع انطلاق الجولة الثانية من المفاوضات المباشرة بين الكيان الصهيوني و"سلطة فتح" والتي عقدت بمدينة شرم الشيخ المصرية، قررت شركة الإعمار "نيئوت هبسغاة" الصهيونية استئناف أعمال البناء في مغتصبة "موديعين عيليت" غربي رام الله وإنشاء حي جديد يضم 2300 وحدة استيطانية.
وفيما يبدي الوفد الصهيوني المفاوض تمسكاً بشروطه، المتمثلة بالاعتراف بيهودية الكيان ورفض وقف الاستيطان، حتى خلال المفاوضات، تبدي "سلطة فتح" مرونتها والاستمرار في هذه المفاوضات، رغم المجزرة الصهيونية في بيت حانون واستمرار الاستيطان واقتحام المسجد الأقصى.
مفاوضات جدية..!
وما يثير الاستهجان في ظل الإجراءات الاستيطانية ، أن يخرج الناطق نبيل أبو ردينة، ليقول "إن أجواء المفاوضات كانت جدية"..!!، الأمر الذي قوبل بانتقاد كبير من الفصائل والساسة والمراقبين.
وعلق القيادي بحركة حماس د.إسماعيل رضوان قائلاً:" إذا كان هناك جدية في اللقاءات فهي جدية بالخضوع والإذعان للعدو الصهيوني وجدية بالإرهاب الصهيوني الذي رافق المفاوضات وجدية في أخذ الوكالة من العدو وممارسة الدور الخياني الذي تقوم به أجهزة السلطة في الضفة".
وأشار رضوان لـ"الرسالة نت"، أن الجدية التي يتحدث عنها أبو ردينة تضمنت الاعتراف بالعدو الصهيوني وتهويده للقدس من خلال بدء الجولة التالية في منزل نتنياهو"، معتبراً أن قبول "سلطة فتح" لقاء نتنياهو في القدس المحتلة "يدلل على مدى سقوط وانحدار وضعف وهرولة الجانب الفلسطيني في المفاوضات مع الاحتلال في أي مكان وخاصة في القدس المحتلة التي يدعي الأخير أنها العاصمة الأبدية له ".
وأكد في الوقت ذاته، أن المفاوضات محكوم عليها بالفشل وقد بدت بوادر هذا الفشل منذ اللحظة الأولى حينما تأخر انعقاد جلسة المفاوضات في شرم الشيخ، مشدداً على أن العدو الصهيوني يصر على اشتراطاته للاعتراف بالطابع اليهودي للدولة العنصرية لبدء واستمرار المفاوضات.
ولفت رضوان إلى الاستمرار في مسلسل تهويد القدس والاقتحامات لباحات المسجد الأقصى التي رافقت عملية المفاوضات وكذلك الإصرار على البدء بتنفيذ مشروع استيطاني كبير في الضفة الغربية .
وقال رضوان:" ما نأمن جانبه أن المفاوضات فاشلة و لا تحظى بأي غطاء شعبي ودستوري ووطني وبالتالي من يفاوض لا يمثل إلا نفسه ولا يمثل شعبنا الفلسطيني وليس مخولاً بالحديث باسم الشعب الفلسطيني".
دفاع عن سراب
من جهته دافع عضو المجلس الثوري لحركة فتح زياد أبو عين عن موقف حركته من الذهاب للمفاوضات المباشرة بالقول:"نحن نذهب إلى طاولة المفاوضات وكلنا ثقة بأنفسنا أولاً وبشعبنا الفلسطيني وإمكانياته".
واعترف أبو عين في حديثه لـ"الرسالة نت"، بأن قضية الحل السياسي " تأتي نتيجة مصالح مشتركة في المنطقة وظروف تعيشها كل الأطراف"، مبرراً موقفه بأن الشعب الفلسطيني يبحث عن الحرية والسلام والإسرائيليين يبحثون عن الأمن والاستقرار.
وزعم أبو عين تمسك حركته بالثوابت الفلسطينية إذا ما تحققت مصلحة الشعب الفلسطيني، معتبراً ما قال عنها "الهجومات السابقة على السلطة غير مبررة منذ إجراءها المفاوضات بدءاً بأوسلو وانتهاءاً بأنا بوليس ".
وأضاف:"نحن أمام محيط عربي يعرف كلٌ منا ظروفه وإمكانياته واستعداده (..) فإذا تحققت مصالح شعبنا فأهلاً وسهلاً بالاتفاقيات والسلام وإذا لم تتحقق فما زال شعبنا يمتلك القدرة والإمكانيات من أجل الصمود والبقاء وتحدي الاحتلال".
وحول اللقاء التفاوضي في منزل نتنياهو بالقدس ، فقد فرق أبو عين بين اللقاء في القدس الشرقية والقدس الغربية زاعماً " أن اللقاء في القدس الشرقية من المحرمات الفلسطينية، و لكن أي لقاء يتم في القدس الغربية مشروع لأننا نعترف بأنها جزء من إسرائيل "، على حد تعبيره.
وتطرق أبو عين للحديث عن الخلافات على البرنامج التفاوضي بين الجانبين، فقد اعتبر أن الجانب الإسرائيلي يريد المرحلية وهم يريدون النهاية ، وقال:"نحن نريد النهاية و نرفض أي عمل مرحلي وأي دولة مؤقتة وأي حل منفرد ونطلب حل الموضوع الحدودي أولاً حتى يتم معالجة بقية القضايا".
وكان القيادي بحركة الجهاد الإسلامي داود شهاب، أكد "إن ما جري من مهزلة تفاوضية في مدينة شرم الشيخ المصرية هو جولة جديدة من الخداع والتضليل"، مؤكداً أن هذه اللقاءات التفاوضية تستهدف فرض تنازلات جديدة على المفاوض الفلسطيني.
وأضاف: "الحديث عن إعطاء فرصة للمفاوضات يعني منح نتنياهو وحكومته فرصة لإكمال مشروعها التوسعي والاستيطاني المبرمج وإحكام سيطرتها على القدس وتهويدها بالكامل".
الإجماع الوطني
من جانبه عبر أمين عام المبادرة الوطنية مصطفى البرغوثي عن استهجانه من جدية اللقاءات التي تحدث عنها أبو ردينة فقال:" لا نفهم ما هي الجدية التي يجري عنها الحديث.. ولا نفهم كيف تستمر المفاوضات في ظل استمرار الاستيطان.. ولا نفهم كيف يُقبل بترتيبات بالقدس منفصلة عن الضفة الغربية..!!".
وشدد البرغوثي في حديثه لـ"الرسالة نت"، أن المفاوضات مازالت في صالح "إسرائيل" وتستخدمها الأخيرة كغطاء لممارساتها التوسعية وفرضها للأمر الواقع، مؤكداً أنه آن الأوان للوفد الفتحاوي أن يتراجع عن موقفه ويعود إلى موقف الإجماع الوطني بأن لا مفاوضات بدون وقف كامل ومطلق للاستيطان وبدون مرجعيات واضحة.
وأضاف:" بات واضحاً أن كل الأطراف الدولية تعتقد بأن الفلسطينيين سيتراجعون دائماً وأن السقف الفلسطيني ينخفض باستمرار بينما الموقف الإسرائيلي يبقى في تصاعد".
وقلل البرغوثي من مكان انعقاد جولات المفاوضات سواء في القدس أو غيرها وقال:" المهم أن المفاوضات يجب ألا تجري بهذا الشكل والإطار والأسلوب"، مؤكداً أن المفاوضات لن تجني للشعب الفلسطيني شيئاً لأن "إسرائيل" مستمرة في الاستيطان و أن التجميد المزعوم لن يتم تجديده وإذا ما تجدد فسيجعلوه شيئاً مسخاً طالما أن المفاوضات تجري بدون مرجعية وفي ظل الانقسام الداخلي واختلال موازين القوى.
الاختبار الحقيقي
أما أمين عام حزب الشعب الفلسطيني بسام الصالحي، فقد اعتبر أن الاختبار الحقيقي للجدية في المفاوضات تأتي فقط بالوقف الجدي للاستيطان ثم في ضمان مرجعية ملزمة لـ"إسرائيل" في تطبيق الاتفاقيات الدولية وفي مقدمتها في اتجاه قضايا الحدود واللاجئين وما دون ذلك يمكن أن يكون تمنيات أكثر منها حقائق.
وعبر الصالحي في حديثه لـ"الرسالة نت" عن اعتقاده بأن الإدارة الأمريكية لن تنجح في إلزام "إسرائيل" في مرجعية متفق عليها في المفاوضات، وأضاف:" نحن نحكم على جدية كل العملية التفاوضية من خلال أمرين الوقف الشامل للاستيطان والاتفاق على مرجعية ملزمة لعملية السلام ونحن لا نرى أن الأمرين تحققا" ، حسب تعبيره.
ومما يثير الدهشة والاستغراب السلوك الذي تمارسه "سلطة عباس" من حرب استئصاليه للمقاومة في الضفة الغربية، وغض الطرف عن جرائم الاحتلال والتمسك بمبدأ المفاوضات في ظل رفض شعبي وفصائلي عارم لها, وتحت الانتهاكات والاعتداءات الصهيونية المتواصلة بحق الفلسطينيين.