جمانة أبو جزر ليست طالبة عادية كبقية أقرانها الذين حصدوا درجات عليا في الامتحانات النهائية للثانوية العامة، بل كان لها حكاية انتظرها كل من تابعها وهي صغيرة توجه رسائل لوالدها الأسير "علاء" عبر وسائل الإعلام، فحنكتها عند اختيار الجمل قوية ومؤثرة.
في الثامن عشر من يوليو، أوفت "جمانة" بوعدها لوالدها الأسير، وجدتها التي رعتها منذ أن كانت طفلة رضيعة بعد وفاة والدتها، فحصلت على معدل 93% في القسم العلمي، لتلتحق بكلية "طب الأسنان".
وتمكنت الطالبة أبو جزر من زيارة والدها نصف ساعة قبل خمس سنوات بعدما كانت ممنوعة أمنيا، حيث أخبرها وقتئذ أن أمنيته أن تصبح طبيبة أسنان، وحينها تقول: "بقيت كلمات والدي ترن في أذني وسعيت كثيرا لتحقيق حلمه حتى حصلت على معدل يؤهلني للالتحاق بكلية طب الأسنان".
ورغم أن فرحة جمانة كانت منقوصة لغياب والدها الذي تأملت كثيرا أن يشاركها فرحتها، إلا أنه سيخرج بعد خمسة شهور وسيشاركها بعد سنوات تخرجها الجامعي.
كانت عيون جمانة تراقب هاتفها وهي تروي لوسائل الإعلام حكاية نجاحها، فقد كانت تنظر لجدتها التي ربتها "ها أنا وفيت بعهدي ولم أخذلك رغم الصعوبات التي مررت بها".
بعد مضي ساعة على إعلان نتيجتها، رن هاتفها المحمول وكان الرقم غريبا، لكن الصوت مألوف لها، فهو الصوت الذي بقيت تنتظره وتود لو كان صاحبه أمامها لتعانقه، لقد كان والدها الذي سرعان ما بادرها بالسؤال "طمنيني يا جمانة قديش معدلك؟، لتجيبه سريعا بمعدلها الذي سيدخلها الكلية التي تمناها، فكان لاتصال والدها الأثر الأكبر في فرحتها حينما حاول تهنئتها وإضحاكها كما اعتاد ليخفف عنها بعد أكثر من 17 عاما.
وتعقب جمانة بالقول:" كان هدفي إدخال البهجة لقلب والدي كي يفخر بي بين الأسرى (..) سعيت لأحقق حلمه لأكون طبيبة كما تمنى دوما هو وجدتي".
وطيلة العام الدراسي السابق حين كانت طالبة الثانوية العامة تجد صعوبة في دراستها، كانت تعود قوية أكثر لاسيما عندما تشعر بقرب روح والدها تساندها وصوت والدها يرن في أذنها "ستتفوقين كما أخبرتك".
وبعد سنوات من الفقد والوجع، أدخلت "جمانة" الفرحة إلى بيت عائلتها "أبو جزر" كما ذكرت جدتها التي طالما نادتها بـ "ماما".
تقول جدتها وهي زوجة الشهيد "شحادة" وأم الشهيد "أيمن":" شعوري لا يوصف (..) فرحتي كبيرة بنجاح ابنتي وحفيدتي جمانة (..) لم تخذلني يوما وكنت أتوقع تفوقها".
وتابعت وهي تنظر لحفيدتها بفخر: "منذ الصغر كانت جمانة متفوقة، فرحت كثيرا حينما حفظت كتاب الله، واليوم فرحتي كبيرة بنجاحها الذي يعد فرحة لكل الفلسطينيين خاصة لوالدها "علاء" وجميع الأسرى".
وتجدر الإشارة إلى أن الأسير "علاء" يقضي حكما بالسجن لمدة 18 عاما لمشاركته في مقاومة الاحتلال، حيث من المقرر أن تنتهي مدة محكوميته بعد خمسة شهور