تتصاعد الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية في ظل استمرار رفضها استلام أموال المقاصة من الجانب الإسرائيلي بعد الخصومات المقتطعة، ونتيجة لذلك دخلت السلطة في أزمة مالية كبيرة أدت إلى عجزها عن دفع الرواتب، وبدأت تدفع منذ ستة أشهر ما نسبته 60% من الرواتب، بينما تتصاعد مؤشرات الانهيار الاقتصادي خاصة في الضفة الغربية.
الأزمة المالية تؤرق الاحتلال الإسرائيلي الذي يخشى أن تؤدي إلى انهيارها وعليه بدأ بتقديم مقترحات للسلطة بعد عدة لقاءات واجتماعات جرت بين الجانبين كما اجتمع الكابنيت لمناقشة أزمة المقاصة دون الوصول لنتيجة.
وكان وزير المالية في السلطة الفلسطينية، شكري بشارة، ووزير الشؤون المدنية حسين الشيخ قد التقيا مع وزير المالية الإسرائيلي، موشي كاحلون، في القدس المحتلة، لبحث أزمة المقاصة وقضايا مالية، دون البحث في ملفات سياسية، بحسب الشيخ.
وذكرت القناة 12 الإسرائيلية، أن اللقاء تم بمشاركة منسق أعمال الحكومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كميل أبو ركن، وبحث أزمة المقاصة ورفض السلطة الفلسطينية استلام عائدات الضرائب منقوصة، فيما لم يتم مناقشة أي ملفات سياسية. أسامة نوفل الخبير الاقتصادي قال إن المقاصة تشكل 60% من إيرادات السلطة وهي تعاني من عجز قبل أزمة المقاصة وبالتالي الجزء الأكبر من إيراد السلطة الأن غير متوفر وعلى السلطة التزامات كبيرة تتعلق بالرواتب والأجور ونفقات الحكومة.
وأكد أن الجانب الإسرائيلي ليس معنيا باستمرار الأزمة المالية للسلطة لأنه قد يؤثر على الوضع الأمني والسياسي في الضفة الغربية، ولذلك تمت دراسة عدة مقترحات منها أن تتكفل دولة أوروبية أو عربية بتغطية الأموال التي يخصمها الجانب الإسرائيلي من المقاصة إلا أن السلطة رفضت المقترح.
كما أوضح نوفل أن الاحتلال تقدم بمقترح آخر بإمكانية استيراد الوقود ومشتقاته دون دفع ضريبة البلو التي تشكل نسبة 30% من المقاصة ورفضته السلطة أيضا وتتجه الأن إلى إجراءات أخرى وهي التركيز على استيراد الوقود من العراق.
وقال الخبير الاقتصادي أن "المجتمع الدولي و(إسرائيل) غير معنيين باستمرار الأزمة ويتجهون لحلول أخرى عبر زيادة الدعم المالي الأوروبي لموازنة السلطة، للتخفيف من الأزمة ولكن هذا مرتبط بسقف معين لأن الاتحاد الأوروبي له التزامات أخرى ولا يعول عليه في حلها".
وتابع "كما لجأت السلطة للدول العربية لتغطيتها بشبكة الأمان المالية بقيمة 100 مليون دولار شهرياً لكنه لم تلتفت للسلطة إلا قطر والسعودية اللتين تعتبرا من أكثر الدول التزاماً".
وأضاف نوفل: لجأت السلطة لمعالجة الأزمة عبر الاقتراض من البنوك المحلية ولكن هذا ليس حلا وإنما يسبب أزمة مستقبلية نتيجة الفوائد المرتفعة، وجرى لثلاثة أشهر فقط وبدأت البنوك تعيد النظر بالأمر.
وفيما يتعلق بالقروض فقد اتجهت السلطة للاقتراض من القطاع الخاص وكان هناك لقاء استعد فيه القطاع الخاص لإقراض السلطة 150 مليون دولار لكنه تراجع واستعد لتقديم 50 مليون دولار فقط، بحسب نوفل.
واعتبر إن عملية الاقتراض تشكل أزمة كبيرة لأن حجم المديونية على السلطة زاد عن 3 مليارات دولار، ولا توجد لدى السلطة مدخرات كي تلجأ اليها، وهناك احتمال أن تلجأ لآلية السندات الحكومية في السوق المحلية ولكن من الصعب أن تؤدي لنتيجة في الوقت الحالي.
وحول إمكانية لجوء السلطة لصندوق الاستثمار الفلسطيني قال نوفل "صندوق الاستثمار تقدر استثماراته بمليار دولار لكن معظمها في الخارج وبالتالي مرتبطة بمشاريع طويلة المدى وصعب أن يقدم حلا للسلطة.
وشدد على أن مؤشرات الحسابات القومية للسلطة شهدت انهيارا بمقدار 5 درجات خلال الشهر الماضي وبدأت تتجه نحو الصفر وهذا أمر خطير جداً، ولا يمكن أن تصمد السلطة مالياً لأكثر من شهرين قادمين.
وأكد الخبير الاقتصادي أن السلطة لم تتخذ إجراءات اقتصادية ومالية سليمة وجدية لمواجهة الأزمة القائمة فهي تجني إيرادات محلية تغطي 80% من الرواتب في حال دفعت كاملة وهي الآن تدفع ما نسبته 60%، وبالتالي فان النفقات ما تزال مرتفعة للسلطة وهي بحاجة لمعالجة حقيقية حتى تطيل فترة صمودها في ظل الأزمة الراهنة.
وصادق (الكابينيت) في حينه على اجتزاء مبلغ ، 000 , 697, 502 شيكل من أموال المقاصة خلال عام 2019 بواقع 42 مليون شيكل شهريا تقريبا. وتعاني السلطة الفلسطينية من أزمة مالية، بعد إقرار (إسرائيل) في 2018، قانونا يتيح لها مصادرة مبالغ من الضرائب، بدعوى أن المبالغ مخصصة للأسرى وعائلات الشهداء.