لا تتوانى سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن فعل أي شيء من شأنه أن يلحق الضرر بالفلسطينيين، مستخدمة كل الوسائل في عدوانها المتواصل على الشعب الفلسطيني ضمن محاولاتها المتكررة لتدمير الأرض وسرقتها.
مؤخرا؛ كشفت جمعيات حقوقية فلسطينية وإسرائيلية، أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي تعمدت استهداف الأراضي الزراعية الفلسطينية، من خلال استخدام مبيدات سامة تم رشها من الجو عبر الطائرات من أجل إلحاق أكبر ضرر بالحقول والمزروعات في عمق قطاع غزة.
ونشرت وكالة الأبحاث اللندنيّة “فورنسيك أركيتكتشر” (بنية الأدلة الجنائيّة)، تقريرًا جديدًا يقدم تحليلاً لعمليات الرش الجويّ لمبيدات الأعشاب التي قامت بها (إسرائيل) على طول السياج الفاصل مع قطاع غزة بين الأعوام 2014 حتى 2018.
ويعتمد التقرير بشكل كبير على أبحاث ميدانيّة وجهود قانونيّة، قامت بها مؤسسات حقوق الإنسان "ﭼيشاه – مسلك: مركز للدفاع عن حرية الحركة"، عدالة: المركز القانونيّ لحقوق الأقلية العربية في (إسرائيل) و"مركز الميزان لحقوق الإنسان – غزة"، والتي اعترفت خلالها (إسرائيل) أنه خلال خمس سنوات قامت بثلاثين عملية رش من الجو بالقرب من السياج الفاصل مع قطاع غزة، فوق الأراضي الإسرائيليّة.
ممارسات هدامة
البحث الجديد الذي أصدرته "فورنسيك أركيتكتشر" يناقض الادعاءات الإسرائيليّة، بأنها تتخذ التدابير اللازمة بهدف تقليص انتشار المبيدات الكيميائيّة والأضرار الناجمة عنها، كما ورد في ردها على توجه الجمعيات لوزير الأمن الإسرائيليّ والمدعي العام العسكريّ في (إسرائيل).
كذلك يظهر تحليل فيديو يوثّق عمليات الرش، أن تلك العمليات تمت عندما كانت الرياح شرقيّة، وحملت المواد الكيميائية ذات التركيز العالي والمضر، إلى عمق القطاع.
ويشدد التقرير أنه في هذه الظروف يؤدي الرش إلى أضرار عشوائية وغير محسوبة.
كما لم تستخدم (إسرائيل) تقنيات للرقابة على تأثير الرياح، وبكل الأحوال لا يمكن في هذه الحالة السيطرة على انتشار المواد أو التنبؤ بحجم الضرر الناجم عن عمليات الرش للمحاصيل، مناطق رعي المواشي، للأرض، للمزارعين وسكان المنطقة بشكل عام.
قتل وتدمير
ويؤكد أستاذ العلوم البيئية المشارك في الجامعة الإسلامية د. عبد الفتاح عبد ربه، أن المبيدات التي يرشها الاحتلال هي مبيدات عشبية هدفها قتل وتدمير الأعشاب والزراعة وهي عضوية ومكلورة وتبقى في الطبيعة وتمكث وقتا طويلا.
وتوقع عبد ربه في حديثه لـ"الرسالة" أن تكون المبيدات منتهية الصلاحية ومحرمة دولية ومسرطنة، مشددا على أن استمرار استخدامها ينذر بمخاطر بيئية جمة قد تصل للإنسان وحتى الحيوان.
ويوضح أن بقاء المبيد لفترة زمنية طويلة دون تحلل يمكن أن يتسبب في نقله عبر السلالة الغذائية وتسميم الكائنات الحية، والعضوية "المكلورة" التي ترش على مزارع المواطنين وتعمل على تدمير الزراعة في المناطق الحدودية للقطاع.
ويبيّن أستاذ العلوم البيئية المشارك أن الاحتلال لا يعير الجوانب العلمية والإنسانية أي اهتمام وما يعنيه فقط ذريعة الأمن.
وعن دور المؤسسات الحقوقية والدولية في الضغط على الاحتلال يؤكد عبد ربه أن الجميع يدرك خطورة الأمر لكنهم يتواطؤون مع الاحتلال دون اتخاذ أي إجراء ضده.
قتل الاقتصاد
ويعتبر د. معين رجب أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الأزهر، أن استمرار رش الاحتلال للمبيدات السامة على حدود القطاع هو أحد أشكال الممارسات التي تنفذها (إسرائيل) تباعا في مجال القضاء على النهضة الاقتصادية.
ويوضح رجب لـ"الرسالة" أنها تأتي بعد منع استخدام الأراضي المحاذية وما يعرف بالشريط الحدودي شرق القطاع وتحرم المزارعين من حق استغلال تلك الأراضي وهو ما يؤثر على أرزاقهم بهدف مغادرتها والبحث عن عمل آخر.
ويضيف "عمل الاحتلال ممنهج تستخدم فيه المبيدات السامة لكي تقتل فرص النشاط الزراعي وتحول دون استنبات واستزراع الأراضي وهي سياسة مقصودة تلجأ اليها (إسرائيل) باستمرار".
ويلفت إلى أن الاحتلال لا يذعن لأي إدانات أو قرارات دولية وحقوقية تدعوه إلى وقف هذه الجرائم اتجاه الأراضي والمزارعين.