لا تنفك الحكومة الإسرائيلية تسعى لإحكام قبضتها على المدينة المقدسة عبر عدة سياسات وإجراءات بدأت تتصاعد بشكل كبير بعد إعلان رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب القدس عاصمة لدولة الاحتلال، ويهدف الاحتلال من خلالها لفرض سيطرته وتغيير الوضع القائم في المدينة وتهويدها بالكامل.
وقد صرح وزير الأمن الداخلي "الإسرائيلي"، غلعاد أردان بشكل رسمي بضرورة تغيير الوضع القائم في القدس، حتى يتمكن اليهود من أداء الصلاة في المسجد الأقصى، وهي التصريحات الأولى التي تصدر عن مسؤول حكومي إسرائيلي بشأن واقع القدس منذ عام 1948، وتحدياً للوصاية الأردنية.
تصريح أردان يأتي في وقت تعيش القدس أخطر التحديات للمحافظة على طابعها العربي والإسلامي، في خضم إجراءات الاحتلال المكثفة ضدها، وضد الوصاية الأردنية التي من المفترض أنها المسؤولة عن كل ما له علاقة بالمقدسات هناك.
ويرى البعض أن تصريحاته تمهيداً للمرحلة المقبلة ولقياس ردة فعل الأمتين العربية والإسلامية، تجاه ما يحيكه الاحتلال ضد المدينة المقدسة، تمهيداً لتطبيق صفقة القرن.
كما اتخذ مؤخراً أردان قراراً بحظر أي نشاطات ثقافية أو سياسية للمنظمات الفلسطينية، أو السلطة، بمحيط مدينة القدس، وتمديد قرار إغلاق كافة المؤسسات التابعة للسلطة في المدينة المقدسة.
ويهدف الاحتلال من خلال سياساته في القدس إلى محاصرة وانهاء الوجود الفلسطيني فيها، وذلك عبر منع الفعاليات وكل الأنشطة التي يقوم بها الفلسطينيون.
ويتعرض المقدسيون لهجمة غير مسبوقة لطمس هويتهم العربية الفلسطينية ومحاربة وجودهم، وذلك عبر القرار الذي يتنافى مع الاتفاقيات الثنائية مع السلطة الوطنية وينتهك قرارات الأمم المتحدة التي تعتبر القدس محتلة.
وقد أدت سياسات الاحتلال إلى عزل القدس عن محيطها الفلسطيني بالجدار الفاصل وتحاول سلخ المقدسيين عن العمق الفلسطيني بمختلف الطرق، فيما تستكمل السيطرة عبر القرارات التي تأتي في سياق تكريس تهويد المدينة ورفض الاعتراف بالشرعية الدولية".
إجراءات الاحتلال ليست موجهة ضد المقدسات الإسلامية فقط بل والمسيحية أيضاً وهي تعتبر بمثابة إعلان حرب على "الوضع القائم" في المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس الشرقية المحتلة الذي ساد منذ مئات السنين في المدينة.
ويوضح "الوضع القائم" المسؤوليات في الأماكن الدينية بمدينة القدس وخاصة المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة.
قانون الوضع الراهن "الستاتيكو"، هو "قانون صادر عن الدولة العثمانية التي كانت تحكم القدس بتاريخ 2\8\1852م، يقوم على تثبيت حقوق كل طائفة وجماعة دينية كانت موجودة في المدينة، دون السماح بإحداث تغيير فيما كان عليه الوضع منذ ذلك التاريخ".
"ووفق القانون فقد تم حفظ حقوق الطوائف والجماعات الدينية من مختلف الأديان، وعلى رأس ذلك الحقوق الطائفية في كنيسة القيامة، وما زال هذا القانون معمولاً به إلى حد كبير حتى اليوم".
وبموجب ذلك، فإن دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس هي المسؤولة بالكامل عن إدارة شؤون المسجد الأقصى، في حين يرتب الوضع القائم العلاقة ما بين الكنائس المسيحية بشأن إدارة كنيسة القيامة.
بالنسبة لـ(إسرائيل) فإنها لم تحترم " الوضع القائم" السائد الآن وما تخطط لتنفيذه في الأماكن الدينية وخاصة المسجد الأقصى، وتعمل على محاولة تغييره بالكامل سواء أكان في الأماكن الدينية الإسلامية وعلى رأسها المسجد الأقصى أو الأماكن الدينية المسيحية وعلى رأسها كنيسة القيامة".
وقد اخترقت حكومة الاحتلال القانون عشرات المرات من خلال تجميد أرصدة كنيسة القيامة في البنوك، واضطهاد المسيحيين بالتعدي على حرمة الكنيسة وقدسيتها بالاقتحام والحرق والتدمير والسرقة".
وبدأت (إسرائيل) بانتهاك الوضع القائم في المسجد الأقصى منذ الاحتلال الإسرائيلي لمدينة القدس عام 1967 من خلال سلسلة من التدخلات في شؤون المسجد والتعدي على ممتلكاته، ولكنها نسفت فعليا "الوضع القائم" عام 2003.