قائد الطوفان قائد الطوفان

رغم رفضها لاعتبارات مجتمعية

الشروط الخاصة في عقد الزواج حق شرعي وقانوني للمرأة

الرسالة نت - ديانا طبيل   

من الغريب أن بعض المقبلات على الزواج لا يعرفن من تفاصيل عقد الزواج إلا ما يتضمنه عن المهر المؤجل والمعجل، أما بالنسبة للشروط الخاصة التي يمكن للمرأة اشتراطها كالعمل أو ألا يتزوج عليها زوجها أو ألا تغادر بلادها، أو أن تكون العصمة في يدها فهذه الشروط رغم أنها ترضي رغبة داخلية لدى الكثيرات من النساء لكنها قلما توضع في العقد، إما لجهلن أو لاعتبارات مجتمعية بحتة.

افترقنا على باب المحكمة

إيمان إسماعيل " 22عاما " تقول اضطررت إلى إنهاء خطبتي بعد أن رفض والد المتقدم  لخطبتي كتابة شروطي الخاصة داخل عقد الزواج بدافع أن الثقة يجب أن تكون موجودة،وتضيف منذ فترة وجيزة عرفت أن هناك حق شرعي وقانوني  يجيز للمرأة عند كتابة عقد الزواج واشتراط ما تريد مع عدم مخالفة الغاية من الزواج.

وتضيف: في أول جلسة جمعتني مع المتقدم لخطبتي تحدثت بصراحة وأشعرته اننى أنوى الاشتراط بإكمال تعليمي والعمل إضافة إلى شرط اسكاني في شقة منفصلة عن العائلة، وقد أبدى موافقته على ذلك، وكان موعد "كتب الكتاب"، وعندها سألني مأذون المحكمة الشرعية إذا كانت لي شروط خاصة فأجبت بنعم وحينها رفض والده كتابة هذه الشروط في العقد وطالب والدي ببعض الثقة وافترقنا من عند باب المحكمة.

في حين تقول أسماء عليوة "29 عاما" عند خطبتي طلبت أن اجلس مع المتقدم على انفراد وبحت له بأنني أنوى دفع ثلث راتبي الشهري لوالدي عرفاناً لوالدي ومساعدة لعائلتي التي تعيش ظروفا اقتصادية صعبة، فوافق على طلبي دون تردد وابلغني أنه بأمكانى تسجيل هذا البند في عقد الزواج كونه حق شرعي وقانوني بإمكانى الاستفادة منه لحفظ حقوقي.

وعند ذهابنا لكتابة عقد الزواج في المحكمة الشرعية طلب خطيبي كتابة هذا البند في العقد وسط ذهول الجميع خاصة والدي ووالده، ومنذ تلك اللحظة وأنا اشعر بثقة جبارة تجاه زوجي وعائلته، فانا لم أكن اعرف بحقي الشرعي وهم من حفظوه لي.

بينما تقول أم محمد قعدان "40 عاما" أنها لم تضع أي شروط في عقد زواجها، إذ ترى إن وضع الشروط والاستفادة منها يعتمد على شخصية المرأة، فإذا كانت المرأة قوية الشخصية ، استغنت عن هذه الشروط.

 أما النساء غير المتعلمات، واللواتي يفتقدن السند، فربما تحميهن مثل هذه الشروط من عواقب عدم إيفاء الأزواج بوعودهم، مضيفة: إذا لم تكن العلاقة بين الزوجين مبنية على التراضي والاتفاق، فلن تجدي الشروط التي تشترطها الزوجة في شيء.

غير مقبولة

أما نيفين الكولك "22 عاما " فأشارت إلى أنها لم تعرف قبل ذلك، عن حق المرأة وضع شروط في عقد زواجها، إلا أنها ترفض أن تضع في عقد زواجها أية شروط لافتةً إلى أن "العقلية الذكورية" في المجتمع الفلسطيني، حتى وإن أقرت بالحقوق القانونية والشرعية للمرأة، ترفض أن يكون ذلك في شكل اشتراطات مكتوبة.

من جهته لا يرى حسام نشوان " 34 عاماً" غباراً في أن تضع الزوجة شروطاً في عقد الزواج، لكنه يلفت إلى أن بعض الشروط، حتى وإن وافق عليها الزوج قابلة للتغيير، خاصة أن هناك ظروفاً تمر بها الحياة الزوجية، تجعل هذه الشروط تتغير بتغير ظروف المرأة ،معترفاً بأن المسألة بصورة عامة تخلق شعوراً غير مريح في نفسية الزوج.

بينما يفضل محمد بدح "39 عاما": أن تكون لغة الحوار حول الخطوط العريضة للحياة الزوجية شفوية قبل الارتباط، لأن وضع شروط مكتوبة بين الزوجين من وجهة نظره طريقة غير مقبولة، خصوصاً أن هذه الشروط قد تفتح الباب لوقوع المشاكل والخلافات بين الزوجين في المستقبل.

لا ينافي الأصل

من جهته يقول القاضي عمر نوفل رئيس محكمة الاستئناف بمدينة خانيونس أن كثيراً من النساء يجهلن الكثير من حقوقهن، كحق الاشتراط في عقد الزواج ويذكر من خلال تجربته الشخصية انه في كثير من المحاضرات التوعوية والتثقيفية يفاجأ بأن كثيرا من الفتيات في سن الزواج أو حتى المتزوجات،لا يعرفن اى معلومات حول عقد الزواج ، كما أن معظم العارفات يحجمن عن وضع شروطهن في العقد لاعتبارات مجتمعية.

ويضيف نوفل: أغلب الأسر لا تهتم بوضع الشروط على الزوج بحجة الثقة به، ويعتمدون على الاشتراطات الشفهية، مشيراً إلى أن الإسلام مثلما بين للمرأة واجباتها، كفل لها حقوقها، ومن هنا عليها أن تستثمر هذه الحقوق لصلاح حياتها.

ويشرح قائلاً: "إن حق الاشتراط في عقد الزواج مكفول بقانون حقوق العائلة المعمول فيه الاراضى الفلسطينية، إذ تنص المادة رقم 24 على انه:" إذا اشترطت المخطوبة على خاطبها ألا يتزوج عليها وإذا تزوج عليها كانت هي أو ضرتها طالقاً صح العقد وكان الشرط معتبرا فتطلق المرأة المشروط طلاقها" وبناء عليه يحق للزوجة تقديم شروطها المختلفة إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً"، وعليه فإنه يحق للمخطوبة أن تشترط في عقد الزواج ما تراه يحقق مصلحة لها.

ويؤكد نوفل على أن شروط الزواج لا يجب أن تتنافى مع أصل عقد الزواج، مثل الاشتراط على أن يكون الزواج لمدة معلومة، فهذه الشروط تنافي أصل الزواج وهو الاستمرارية ،أما إذا كان الشرط لا ينافي الأصل ولكن ينافي الغاية من الزواج أو المقصد منه، أو اشتراط أمر يكون مجمعاً على تحريمه، فيبطل عندئذ الشرط ويبقى العقد صحيحاً، كأن يشترط أحدهما ألا يرثه الآخر، أو عدم ثبوت نسب الأولاد.

ويتابع نوفل: الشروط ثلاثة أنواع، شرط يقتضيه عقد النكاح، مثل الاشتراط على أن ينفق عليها، فهذا شرط لا حاجة لذكره في العقد، ونوع يخالف مقتضى عقد النكاح كاشتراط عدم الميراث بينهما، والنوع الثالث لا يقتضيه عقد النكاح ولا ينفيه وهذا النوع لا يفسد عقد النكاح ولا يلزم الوفاء به ، مؤكدا أن كتابة الشروط على قسيمة الزواج يحفظ حقوق المرأة، ويسهم في التقليل من كثير من المشاكل التي تصل إلى أروقة المحاكم، ومكاتب دوائر الإرشاد والتوجيه الأسري.

ملزماً للزوج

من جهته يقول عبد الخالق البحيصى مدير دائرة الإرشاد الأسري في المحكمة الشرعية بغزة أن ما سجل في عقد الزواج، يعد ملزماً للزوج بتنفيذه، وإن لم يلتزم يحق للزوجة التظلم، ويضيف: "يحق للزوجين وضع شروط خاصة في عقد الزواج على ألا تخالف هذه الشروط مقتضى عقد الزواج، يلزم الزوج بالوفاء بهذه الشروط على ألا تمس المصلحة حقوق غيرها سواء كان هذا الغير هو زوجها مثل تقييد حريته في عمله أو تقييد حقوقه الشرعية في عقد الزواج أو أن تمس الشروط مصلحة غير زوجها كاشتراط الزوجة تطليق ضرتها، فكل شرط فيه مصلحة الزوجة ولا يمس حقوق الزوج أو الغير هو شرط صحيح ، مؤكدا من خلال تجربته الشخصية في العمل بالمحاكم أن أبرز الشروط تركزت على مطالبة الزوجة بإكمال الدراسة والسماح لها بالعمل بعد الزواج، إضافة إلى توفير سكن مستقل.

وضع شروط في عقد الزواج هو حق للزوجة كما هو حق للزوج، وتبقى الكلمة الأخيرة للثقافة المجتمعية والقناعة الشخصية، ورغم أن تخلي أحدهما عن حقه قد يضيع عليه فرصة لحفظ حقوقه، إلا أنه بالتأكيد لا يبطل عقد الزواج.

 

البث المباشر