نساء نازحات يطلبن الرزق من أفواه أفران الطين

الرسالة نت -غزة

يبدأ الصباح باكرًا في خيمة (أم سالم) في محيط مدينة أصداء غرب مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، قبل بزوغ الشمس وتسرب أشعتها عبر قماش الخيمة المهترئ.
تحاول أن ترتب المكان وتجهز إفطارًا سريعًا لنفسها وزوجها الذي يتولى مهمة جمع الحطب وإشعال النار على فرن الطين.
"فرن الطين هو اللي بيأكلنا وبيعيشنا" تفتتح (أم سالم) حديثها وهي تشير نحو فرن الطين المتكور أمام خيمتهم.
وتتابع "لم أجرب أبدًا أن أجلس أمام فرن طينة قبل الحرب، لكن الحرب أجبرتنا أن نجرب كثيرًا من الأمور للمرة الأولى!".
لفحت الشمس وجه (أم سالم) إذ تقضي معظم ساعات النهار وهي تستقبل الزبائن يوميًا ما عدا الجمعة منذ الثامنة صباحًا، ويمتد عملها إلى غروب الشمس مع قدوم آخر زبون.
وتلفت (أم سالم) أنها كانت تصنع المخبوزات البسيطة في منزلها قبل العدوان، حسب الطلب للجيران والمعارف، ثم تستدرك قائلة "كانت المهمة أسهل باستخدام فرن الغاز داخل المطبخ، لكن الأمر الآن مختلف أمام حرارة فرن الطين والرمال تحيطنا من كل جانب."
(أم سالم) ليست المرأة الوحيدة التي تجلس أمام فرن الطينة في تلك المنطقة، فعلى بعد خطوات منها قابلنا (أم دينا) التي تقضي معظم ساعات نهارها أمام فرن الطين كذلك.
وحين اقتربنا منها قالت وهي تدير رغيف الخبز داخل الفرن "أنا أرملة ولدي خمس بنات، لابد أن أوفر لهن لقمة عيشهن في هذه الظروف الصعبة التي نعاني منها."
وتكمل حديثها "نزحت من بيت لاهيا بملابس خفيفة ومعدودة، معظم ملابسي تمزقت بسبب النيران المتطايرة من الفرن."
وتذكر أنه ليس بمقدورها شراء بديل عنها، لعدم توفر الملابس أولًا ولأن ما يتوفر من فترة لأخرى يكون بأسعار مرتفعة جدًا، حسب تأكيدها.
تطاير النيران لا يفسد الملابس فحسب، وإنما تمتد شرارته لتلسع اليدين والقدمين وأحيانًا الوجه، كما تضيف أم دينا.
ومع انعدام عمل المخابز في ظل تواصل العدوان (الإسرائيلي) على القطاع منذ أكثر من أحد عشر شهرًا يزداد إقبال المواطنين على استعمال أفران الطين، فهي خيارهم الوحيد في ظل انقطاع التيار الكهربائي وعدم توفر السولار والوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية.

البث المباشر