قالوا إن اسمها إيلا، أو بيلا، أو أيشنور، ولكنهم لم يختلفوا على اسمها الحقيقي الموحد، ( المتضامنة) وإن ذكر البعض أنها أمريكية ليثبت عدم استثنائية أحد من القتل حتى لو كان ابن أكبر الدول الداعمة للقتل، ولعل كونها مسلمة تركية الأصل لا يعطي للمعنى أي اختلاف، فالاحتلال يغتال كل من يقول في وجهه "لا" .
شهيدة جديدة ليست من أصول فلسطينية، كانت تنام إلى جانب الفلسطينيين في الأماكن البدوية المهددة بالاستيطان، وتناضل وقوفا على جبل صبيح ضد كل أعمال الهدم والاستيطان كل يوم جمعة لتنتهي شهيدة للعدالة، برصاصة بالرأس.
المتضامنة الأمريكية ذات الأصول التركية عائشة نور إيزغي جاءت إلى نابلس للمشاركة في حملة (فزعة) لدعم المزارعين الفلسطينيين ضد هجمات المستوطنين، وقد شاركت بالأمس في مسيرة تضامنية مع قرية بيتا المستهدفة من قبل الاحتلال منذ سنوات في محيط جبل صبيح الذي ينوي الاحتلال استيطانه.
وكما فعل بالمتضامنة الأمريكية راشيل كوري في قطاع غزة قبل عشرين عاما، يتواصل في نهج نفس سياسة القتل، والتي راحت عائشة ضحيتها بنفس الظروف، وعلى يد نفس الاحتلال الذي تخصص في قتل المدنيين والعزل .
قضت عائشة بالأمس برصاصة في الرأس ضمن عشرات الرصاصات التي أطلقت على المسيرة التضامنية السلمية، والتي يقودها مضامنون عزل يطالبون بحقهم.
يقول ضابط الإسعاف فايز عبد الجبار إن الاحتلال أطلق الرصاص فأصابت رصاصة رأس المتضامنة، ورصاصة أخرى أصابت شابا إصابة طفيفة بينما قتلت المتضامنة التي نشطت مع الفلسطينيين منذ سنوات، والتي لم تكن إصابتها الأولى، بل أصيبت قبل ذلك أيضا إصابة نجت منها ولم تكن مانعا لها بأن تعيد الكرة، وتأتي مرة أخرى للتضامن.
ضجت شبكات التواصل بخبر الشهيدة الأجنبية، التي تركت حياتها في الولايات المتحدة وأتت لتسخرها ضد العدوانية الدموية لجيش الاحتلال، وتحاول أن تكون لأيامها الأخيرة بصمة في طريق الحقيقة والحرية.
جريمة تظهر أن هناك شركاء كفاح لن ترضى عنهم (إسرائيل) حتى يشاركوها مواقف القتل، وتستهدفهم لأنهم أخطر عليها من الفلسطيني، خوفا من نقل الحقيقية للعالم، ولعل قائمة سوداء لأكثر من مائة متضامن أجنبي أعدتها (إسرائيل) لتمنع دخولهم للأراضي المحتلة تعكس خوف هذا المحتل من شهادة ضدها.
عادت عائشة إلى نابلس قبل شهر، ولم تكن المرة الأولى، بل هي تضامنت لأكثر من أربع مرات ضمن لجان التضامن الدولي والتي تشارك في مجموعات تراقب انتهاكات الاحتلال في القدس والخليل ونابلس، وكانت عائشة ضمن أبرز النشطاء في التجمعات البدوية، وقد أصيبت قبل أسبوعين في قرية كسرة البدوية مع متضامن أخر من كوريا.
الضحية اليوم عائشة التي كانت تعتبر أن قيمتها الإنسانية هي وجودها مع الفلسطينيين وتجنيد كل طاقتها لفضح الاحتلال وحتى تجنيد الأموال لأجل ذلك.
طلب البيت الأبيض كعادته تحقيقا إسرائيليا، والتساؤل الذي يفرض نفسه، كيف يمكن أن يكون القاتل محققا في جريمته، وأي حكم يمكن أن يصدر عن الجاني؟!
قتلت عائشة اليوم، وسيقتل غيرها غدا، وقتلت راشيل كوري بالأمس، ولا زالت القضية حية مهما كثر العدد، فلا مكان لمتخاذل في قضية ساطعة كالشمس.
وقد كانت الصبية الأمريكية التركية استكمالا لسلسة القتل التي لا يتقن الاحتلال غيرها، ففي مايو 2010 قتل 9 من النشطاء الأتراك - كان أحدهم يحمل أيضا الجنسية الأمريكية إضافة إلى التركية - عندما باغتت وحدات كوماندوز تابعة للبحرية الإسرائيلية سفينة مرمرة، التي كانت ضمن "أسطول الحرية" المتوجه إلى غزة لكسر الحصار .
وفي عام 2003 قتل البريطاني جيمس ميلر، 34 عاماً، أثناء تصويره فيلماً في مخيم للاجئين الفلسطينيين في مدينة رفح في قطاع غزة لرصد واقع الأطفال الفلسطينيين هناك.
وفي يناير من عام 2004 توفي توم هرندل ناشط السلام البريطاني بعد تسعة أشهر من الغيبوبة إثر إصابته على يد أحد جنود الجيش الإسرائيلي قرب مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة.
آلة القتل الإسرائيلية مستمرة، وتكميم أفواه الأحرار حول العالم لا يكون إلا بقتلهم، ظنا من هذا الاحتلال الأحمق أنه بذلك يقتل الحقيقة ويدفنها قبل أن تولد.