في ليلة حالكة السواد سقطت الشابة "ن.غ" 25 عاما جثة هامدة بعدما أشبعها والدها ضربا وانهى جريمته بطلقة اخرجها من مسدسه وصوبها تجاه رأسها .
لم تشفع لها توسلاتها ودمها الذي نزفته قبل موتها عند والدها، فكلما حاولت والدتها واخوانها التدخل هددهم بالقتل مثلها، فجعلهم كالمتفرجين على فيلم مرعب نهايته باتت معروفة.
"نهايتك على ايدي" تلك الجملة دوما كان يرددها القاتل على مسمع الضحية ليتخلص منها فهي أصبحت بنظره "عانس" وعبئًا عليه لتأخرها في الزواج ووجودها في البيت دون منفعة، وفي المقابل لم تكن الضحية ضعيفة الشخصية بل كانت سليطة اللسان مع والدها.
تفاصيل الواقعة حدثت قبل سنوات ليست بعيدة حينما طلب الوالد من "ن.غ" صنع الشاي ووضع الكوب في غرفته وعند عودته لغرفته وجدها تلعب بمسدسه فاستشاط غضبا ونعتها بألفاظ نابية جعلتها في حالة هستيرية دفعتها للرد عليه ومعايرته بمرضه النفسي وتعاطيه المخدرات حتى لحق بها بمسدسه ووقعت الحادثة.
والدها سيء السمعة
حينما أنهى القاتل جريمته طلب من ابنائه حمل اختهم إلى المشفى فاستجابوا له خشية أن يثور عليهم، بينما والدتها بقيت بجانب زوجها بناء على طلبه دون أن تنطق بكلمة واحدة للدفاع عنها.
بمجرد وصول "ن.غ" إلى المستشفى لفظت أنفاسها الاخيرة مما استدعى حضور الشرطة وفتح تحقيق.
بداية الامر اعترف الاخوة وامهم بما فعله والدهم حيث اقرت الام بالقول : " دائما كان يهددها ويضربها ويتوعدها بالقتل "، واضافت خلال التحقيقات أن زوجها حشر راس ابنتها بين الطاولة والحائط وقام بإطلاق رصاصة صوبها مما جعل صغيراتها في حالة هستيرية دفعتهم للهرب خارج البيت .
أقوال الام تغيرت بعد مضي يومين على الجريمة فراحت تقول : " زوجي مريض نفسيا ولا يدرك ما يفعله فهو طيب القلب حنون يحب بناته، وقتله لابنته كان عن طريق الخطأ".
بينما أحد اخوة "ن.غ" الذي حضر الجريمة أدلى خلال التحقيقات بان والده استخدم خرطوما بلاستيكيا وآلة حادة في ضرب اخته ثم طلب منها أن تنطق الشهادة ثم افرغ رصاصة في رأسها، لكنه كوالدته غير اقواله ووصف والده بالحنون وما حدث كان عن طريق الخطأ.
"الرسالة نت" لم تكتف بأقوال ذوي الفتاة خلال التحقيقات بل راحت تنبش في الملف ووجدت القاتل من اصحاب السوابق فهو قتل جاره قبل ثلاث سنوات، بالإضافة إلى انه سيء السمعة .
وخلال التحقيقات راح يشهر بابنته المقتولة بالقول : " قتلتها للحفاظ على الشرف (..) فضحتني بين الناس وسيرتنا صارت على كل لسان"، لكن اتهامه لابنته نفاه الطب الشرعي واثبت عذريتها.
بعد انتهاء الشرطة والنيابة من استجواب الشهود واحالة الملف الى القضاء وقف القاتل بقامته القصيرة وبشرته الحمراء وشعره الاجعد القصير داخل قفص الاتهام يرمق زوجته وابناءه بنظرات الوعيد رغم تنازلهم عن القضية باعتبارهم أولياء الدم.
لحظة من الفوضى سادت قاعة المحكمة ثم عاد الهدوء حينما وقف محامي القاتل للدفاع عن موكله بالقول : " المتهم يعتبر ابنته أمينة اسراره وحينما اطلق النار لم يقصد قتلها بل عن طريق الخطأ استقرت الرصاصة في رأسها (..) و اولياء الدم تنازلوا وهم أشد الحاجة للمتهم رغم أنه مريض نفسيا ".
في المقابل ترجل وكيل النيابة من مكانه وراح يطلع القضاء على النتائج التي وصلوا اليها حيث ذكر أن القاتل من أصحاب السوابق وسيئ السمعة بين الناس، لافتا إلى أن والدة الفتاة واخوانها غيروا اقوالهم بعدما هدأت النفوس لحماية والدهم .
وأوضح ان الطب الشرعي أثبت أن سبب الوفاة مضاعفات واصابة الراس والدماغ بعيار ناري، إلى جانب وجود كدمات وعلامات ضرب وكسور في عظام الجمجمة الامر الذي يثبت تعمده القتل.
بعد تقليب المحكمة أوراق القضية وتنازل اولياء الدم لوالدهم ارتأت المحكمة بالحكم وفق القانون الفلسطيني حيث نطق القاضي الحكم قائلا : " باسم الشعب الفلسطيني حكمت المحكمة على المتهم بثلاث سنوات مع النفاذ تخصم منها مدة التوقيف ومصادرة سلاحه المضبوط ".
الحكم الصادر لم يرق لعائلة الفتاة فاستهانوا بدمها من اجل والدهم القاتل وقدموا استئنافا بالحكم لكن محكمة الاستئناف رفضته ليأخذ كل مجرم حقه في العقاب كي لا تكون ارواح الناس سهلة على كل من تسول له نفسه بالقتل.
تعاطي المخدرات
"الرسالة نت" كما اعتادت في كل مرة تطرح فيها ملفا قضائيا تعالجه من الناحية الاجتماعية لمعرفة الاضرار التي يسببها انتشار الجريمة، وللوقوف على ذلك يقول الاختصاصي د. وليد شبير : "القتل داخل الاسرة الواحدة يهدمها لما له من اثار سلبية تؤثر على افرادها حيث تقطع صلة الرحم وتجعلهم يحقدون على بعضهم".
ووصف ما قام به الابناء وتنازلهم عن الجريمة التي ارتكبها والدهم بأن هدفهم حمايته لانتشاله من الحكم العالي كونه لازال على قيد الحياة، معتبرا ما ادعاه والدها بقتلها على جريمة شرف يعد امرا غير منطقي ويدل على جهله لاسيما وانه عار سيلحق به وعائلته طوال حياته.
اما موقف الشريعة الاسلامية من تلك الحادثة فيقول الداعية د. ماهر السوسي : " الاسلام وضع نظم العلاقة بين افراد الاسرة وبين الحقوق والواجبات لكل منها، فاذا التزم الجميع استقامت حياة الافراد"، متابعا : الشرع لم يعط لولي الامر الحق في قتل ابنته حتى لو كانت جريمة شرف".
ولفت إلى أن العقوبة التي اخذها القاتل رغم تنازل والدتها واخوانها عن القضية لها حقان الاول خاص وتنازل عنه ذوو المقتولة بينما الثاني العام تقرره الدولة كونه يلحق الضرر بالمجتمع، معتبرا أن الجريمة التي وقعت تدل على ضعف الوازع الديني داخل العائلة، فالأب غير سوي وابنته عاقة نظرا لما كانت تنعت به والدها من صفات وترفع صوتها عليه.
في النهاية: الجريمة التي وقعت داخل العائلة باتت تتكرر داخل اسرنا الغزية وغالبا ما تكون لقلة الوازع الديني لذا علينا أخذ العبرة كي لا نكون ضحية ساعة شيطانية تخسرنا الدنيا والاخرة.