لا يزال حوالي ألف معتقل فلسطيني داخل السجون الإسرائيلية يعانون من سياسة الإهمال الصحي رغم إصابتهم بأمراض مزمنة، منهم حوالي 25 حالة سرطان، و200 أخرى بحاجة للتدخل العاجل خشية أن يكون مصيرها كبقية المعتقلين الذين سقطوا شهداء وكان آخرهم بسام السايح – 47 عاما.
العديد من المعتقلين المرضى يتنقلون من معتقل لآخر عبر كرسي متحرك، ومنهم لا يقوون على الحركة نتيجة إصابتهم بالغضروف أو أمراض أخرى إلا أن (إسرائيل) لا تزال تتحفظ عليهم ضمن سياسة الردع والتعذيب ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه بالمقاومة، حسب اعتقادهم.
البعض اعتبر تعذيب الأسرى المرضى وإهمال الملف الصحي يأتي ضمن سياسة "الإعدام" البطيء التي تنتهجها (إسرائيل) ضد المعتقلين في سجونها.
يقول الأسير المحرر أحمد الفليت خلال حديثه لـ "الرسالة":" تاريخيا (إسرائيل) لم تفرج عن أي أسير مريض مهما كان وضعه الصحي، إلا إذا كانت تدرك أنه سيموت بعد أيام قليلة"، مبينا أن هنا أسرى يكون وضعهم مأساويا ولا تستجيب (إسرائيل) بالإفراج عنهم رغم الضغوط الدولية.
ويرى الفليت أن (إسرائيل) تتحفظ على الأسرى المرضى لاسيما من هم بوضع صحي حرج لردعهم، مشيرا إلى أن ملف الإهمال الطبي هو الأصعب داخل السجون مع الإضرابات لكن لا يوجد فيها أي تقدم ملموس رغم المفاوضات إلا أن الوضع يتفاقم ويزداد سوءا.
وعن الخطورة التي سيشكلها الأسير المريض حال الإفراج عنه كما تدعي (إسرائيل)، ذكر أن المعتقل لا يشكل خطرا على دولة الاحتلال، لكن الأخيرة تريد الانتقام لما قام به قبل اعتقال وليكون رادعا لغيره.
وفي السياق ذاته يقول علي المغربي الناطق باسم مكتب إعلام الأسرى: "الاحتلال لا يحتاج لمبرر للقيام بجرائمه داخل المعتقلات"، لافتا إلى أن هناك جريمة أخرى تكون عند استشهاد الأسير داخل المعتقل وهي احتجاز جثمانه.
وبين المغربي لـ "الرسالة" أن الاحتلال يعمل على كي وعي المقاومة في الثقافة الفلسطينية من خلال تعذيب الأسرى وإهمال ملفهم الطبي، مشيرا إلى أن الاحتلال كان في 2018 يريد إقرار قانون الإعدام لكن خوفه من تشويه صورته أمام العالم الغربي جعله يسلك نهجا آخر في الإعدام من خلال إهمال الملف الطبي للأسرى.
وكان البرلمان الإسرائيلي وافق في كانون الثاني/يناير في قراءة تمهيدية على مشروع قانون يسمح بتنفيذ عقوبة الإعدام بحق "الإرهابيين" بغالبية 52 نائبا مقابل 49 عارضوه (من أصل 120). وقدم حزب (إسرائيل بيتنا) اليميني القومي المتطرف الذي يتزعمه أفيغدور ليبرمان مشروع القانون.
ووفق قول المغربي فإن الاحتلال يتعمد إيصالهم لحالة الأمراض والوصول إلى مسلسل الإعدام البطيء، مؤكدا أن المنظومة الطبية في السجون فاسدة ولا تتمتع بمهنية.
وبحسب متابعته فإن الاحتلال ليس من عادته إطلاق سراح الأسرى المرضى، فقد سقط أول شهيد وهو عبد القادر أبو الفحم سنة 1970 فتلك سياسة ممنهجة من اعلى مستوى سياسي.
ولاتزال تحتفظ سلطات الاحتلال بأربعة جثامين للأسرى منهم فارس بارود ونصار طقاطقة وعزيز عويسات وأنيس دولة المحتجز جثمانه منذ 1980.
بدوره حذر الباحث في قضايا الأسرى رأفت حمدونة، من استشهاد المزيد من الأسرى المرضى في السجون إذ لم يكن هنالك حالة مساندة جدية لإنقاذ حياتهم.
وطالب بالمزيد من الجهد على كل المستويات إعلاميا وسياسيا وشعبيا وحقوقيا، وتحويل قضية الأسرى إلى أولى أولويات الشعب الفلسطيني ثقافيا لتتصدر الأولويات الأخرى.
وأكد أن السكوت على سياسة الإهمال الطبي سيضاعف قائمة شهداء الحركة الوطنية الأسيرة التي وصلت إلى221 شهيدا في السجون.
وحذر حمدونة من سياسة الاستهتار الطبي في السجون، وطالب بأهمية زيارة الأسرى والاطلاع على مجريات حياتهم وحصر مرضاهم والسماح للطواقم الطبية لإجراء عمليات جراحية عاجلة لمن هم بحاجة لذلك.
وطالب بتدخل للتعرف على أسباب وفاة المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال وبعد خروجهم من الأسر والتي أصبحت تشكل كابوسا مفزعا لأهالي الأسرى ويجب التخلص منه تحت كل اعتبار.
وأضاف أن هناك خطورة على الأسرى المرضى بمستشفى سجن مراج بالرملة، كونهم بحالة صحية متردية وهنالك خطر حقيقي على حياتهم نتيجة الاستهتار الطبي بعدم توفير الرعاية والعناية الصحية والأدوية اللازمة والفحوصات الطبية الدورية للأسرى، الأمر الذي يخلف المزيد من الضحايا في حال استمرار الاحتلال في سياسته دون ضغوطات دولية جدية من أجل إنقاذ حياة المرضى منهم قبل فوات الأوان.