التكبر صفة لا ترتبط بالناجحين، ولا المثقفين؛ لأنها تتعارض مع الصفتين، وهي أقل الصفات وأتفهها على الإطلاق، وأكثرها إضحاكا.
هناك أشخاص متهمون بالتكبر " من باب للطاق" !، لدرجة أنك تسمع من فلان، أن فلانا متكبر، ويبدأ بإقناعك بحوار كالتالي":
أتحكم عليه من أول نظرة، دون أن تكلمه، أو تعاشره؟ أتعرفه؟
لا، لكني من نظرة عينه عرفته.
الحوار السابق، كثيراً ما يتكرر خصوصا في ظل الحديث عن الانطباع الاول، هذا الانطباع الذي اتمنى من كل قلبي ازالته من يومياتنا، ما هو الانطباع الأول؟
أتمنى فهم كيف أري شخصاً للمرة الأولى، وآخذ عنه فكرة ما " من الباب للطاق" ، بدون أن أكلمه، أو أعاشره يا للافتراء، خلينا في الجد، ونرجع للتكبر، اخبركم ايضاً، فيما لو حدث هذا، واتهم شخص بالتكبر من " الباب للطاق"، سيكون واحد من اربعة : مثقف، وسيم، غني، ناجح.
ولكن لكي اقنعك أن هؤلاء الأشخاص عاديين مثلنا تمام، ليس ضروريا أن يكون عندهم تكبر، يجب التأكد أن هذه المعادلات مرتبطة ببعضها، فالناجح لا يكون متكبرا، لأن التكبر عائق من عوائق النجاح، والمثقف لا يكون متكبرا، لأن المتكبر شخصٌ جاهلٌ اصلاً، وإلا لما تكبر على الخلق، وهذا ينطبق على الغني، الذي اجتهد حتى أصبح غنيا، لأن التكبر أيضا سيكون عائقا في وجه هذا المال، والاستمرار في تحقيقه.
أما الشخص الوسيم؛ فإنه سيفقد كل مقومات جمال المظهر، إذا كان متكبراً، وهو أصلا آخر من يمكن أن يكون متكبرا، لأن ما لديه من نعمة، لم يبذل فيها أي مجهود "حاجة رباني" ، فلماذا التكبر؟
بصراحة، رأيتُ البعض يتخوف من الاحتكاك بهذه الفئات الاربعة، بمعنى مشهور وناجح، يعتقد البعض أنه لا يحادث إلا فئة معينة من الناس، ولا يزور إلا فئة معينة، ولا يصاهر إلا فئة معينة، لا، لا تحكم سريعاً؛ لأنك لو دخلت إلى حياته ستجده أبسط الناس تعاملاً وعقلاً، بل أكثرهم بشاشة وتواضعاً.
وفي الحديث الشريف: ( ألا أخبركم بشر عبادا الله ؟ الفظ المستكبر، ألا اخبركم بخير عباد الله ؟ الضعيف المستضعف ذو الطمرين لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبره،).
وقد رأيت أشخاصا قدموا من النجاح ما يذهل، وفعلوا من الخير ما نعجز عن وصفه، ولكن إذا وصفتهم بوصف يقدر ما فعلوا استغربوا، وهم على الدوام متيقنون أنهم لم يفعلوا شيئا بعد ، وبأنهم أقل كثيرا ًمن أن نشكرهم، هؤلاء سيظل الله يعطيهم حتى بعد مماتهم، وفي ذلك مقولة جميلة لمصطفى صادق الرفاعي:" استحسان الرجل لأعماله السامية؛ قد يكون أول أعماله السافلة.
انتهيت من كلماتي، ولكنني لم أنته من افكاري، فقلمي لم يستطيع الكتابة إلا في القلة القليلة، ولكنني اتمنى أن اكون قد وصلت كلماتي إلى مسامعكم وأفكاري إلى قلوبكم.