بعد انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وقضاء الشباب ساعات طويلة عليها، ظن البعض أنهم هجروا الكتب الورقية وأكتفوا بما يتلقونه عبر تلك المنصات، لكن فريق "مكان" الشبابي من قطاع غزة استطاع تغيير تلك النظرة.
تعرف الفريق على بعضهم عبر الورشات التثقيفية، وقرروا أن يجوبوا أزقة مدينة رفح بحثا عن كتب بقيت حبيسة الأرفف، يحتاجها العشرات من الشباب لقراءتها والاستفادة منها.
اعتاد الغزيون أن يطرق بابهم بعض المتسولين بحثا عن قطعة ملابس قديمة أو بعض النقود والطعام، لكن هذه المرة كانت مختلفة فقابلوا طرق أبوابهم بالترحاب رغم أن كل كتاب يتبرعون به لفريق مكان له بعض الذكريات لمقتنيه.
مبادرة التبرع بـ "كتاب" غير مألوفة لأصحاب البيوت لكن هدفها تفعيل دور القراءة في المجتمع الغزي، خاصة في ظل تراجع دور المكتبات العامة في استقطاب مرتاديها لاقتنائهم الأجهزة الذكية التي تتيح لهم قراءة أي كتاب عبر الإنترنت.
تتراوح أعمار الفريق ما بين 17 لـ 23 عاما، مقسمين على 3 مجموعات، بتخصصات مختلفة يمتلكون مهارات في الفن التشكيلي والغناء والرسم والنقش.
يقول مدير الفريق الشاب محمد الطهراوي لـ "الرسالة":" منذ ساعات الصباح ينطلق فريق "ساعد لو بكتاب" بين الأزقة والشوارع للوصول إلى أكبر نسبة من البيوت للحصول على كتب متنوعة في شتى المجالات"، متابعا: الجهد المبذول في جمع الكتب ليس سهلا، فخلال شهر كامل جمع الفريق حوالي 350 كتابا".
وذكر الطهراوي أن الكتب المهترئة يتم ترميمها ويضاف لها غلاف جديد يحمل نفس العنوان لكن بإمكانيات بسيطة ودعم شخصي من الشباب المتطوعين، مشيرا إلى أن الكتب التي جمعوها متنوعة ما بين الروايات والكتب السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، وهناك كتاب بحوزتهم يحتوي على خرائط قديمة للمدن والقرى المحتلة، وصفه بـ "الفريد".
وأوضح أنه وفريقه لم يتوقعوا حجم التجاوب على مبادرتهم، فقد طالبهم نشطاء من مدينة خانيونس بتطبيق التجربة، فهم يريدون تعميمها على جميع أنحاء القطاع لكن هناك معيقات مادية تعيق وصولهم لتلك المناطق.
وعن الهدف من تجميع الكتب والروايات، ذكر الطهراوي أنهم سينشئون مكتبة تقدم خدمة الاستعارة مجانا، بدلا من أن يمضوا وقتا طويلا مع الهواتف الذكية.
وتحدث الطهراوي أنهم لم يتلقوا دعما من أي جمعية أو مؤسسة أو جهة رسمية أو غير رسمية، رغم ذلك استمروا في المبادرة، وتحملوا عبء التكاليف، مشيرا إلى أنهم جمعوا مئات الكتب ويطمحون لجمع المزيد، وأن تتعمم الفكرة في قطاع غزة بأكمله.
ويطمح فريق "مكان" لتطوير فكرتهم بتدشين أول مكتبة مجانية في مدينة رفح، لاستقطاب أكبر عدد ممكن من القراء الجدد، وفتح باب الاستعارة للجميع، ليعود للكتاب رونقه ومكانته بين أيدي الشباب.