إن تطورات موضوع تشكيل حكومة في إسرائيل يخدم حتى الآن أحد خياري نتنياهو المقبولين وهما: إما حكومة وحدة وطنية برئاسته أولاً ثم برئاسة غانتس ثانيا ووفق الإطار الذي قدمه رئيس الدولة رفلين باجتماعه مع نتنياهو وغانتس قبل أيام، وإما استمرار حالة الانسداد الحالي والاضطرار للتوجه لانتخابات ثالثة يبقى خلالها نتنياهو رئيساً للوزراء، وينافح من موقع قوة محاولات إدانته أمام محاكم تل أبيب على قضايا فساد قد تودي بحكمه.
قد تكون احتمالات تحسن الوضع الانتخابي لنتنياهو وكتلته المانعة والمتماسكة والبالغة 55 مقعد في الانتخابات الثالثة أعلى نسبياً من احتمالات بقية الأحزاب ككاحول لافان وليبرمان والقائمة المشتركة، إلا إذا حدث غير المتوقع في هذه الفترة كإدانة نتنياهو بتهم الفساد أمام الرأي العام على الاقل بسبب عملية الاستماع المقررة الاربعاء القادمة، أن لم يكن امام المحاكم وبالتالي نهاية حياته السياسية على الأرجح.
كيف يؤثر عدم الاستقرار هذا على الفلسطينيين؟
وهل سياسات اليمين تختلف جوهرياً عن سياسات اليسار اتجاه الفلسطينيين، خاصة في ظل تحرك وانزياح الخارطة السياسية في اسرائيل بكاملها نحو اليمين؟
أليس ما يحكم سياسات اسرائيل تجاه غزة هو الاعتبار الامني الذي تقوده المؤسسة العسكرية في اسرائيل؟
وهل بالضرورة ورطة الاسرائيليين هي ورطة للفلسطينيين أيضا؟
بالنسبة لما يسمى بعملية التسوية السلمية فلن يؤثر على الأرجح، فالعملية عالقة وستبقى كذلك في المدى المنظور على الأقل ،وستبقى سياسات إسرائيل العدوانية والاستيطانية مستمرة سواءً نجح نتنياهو في تشكيل حكومة وحدة، أم فعل ذلك غانتس وهو مستبعد، قد يكون بقاء نتنياهو في الحكم يقضي على كل وهمٍ فلسطيني بإمكانية نجاح عملية التسوية، أما نجاح غانتس فقد يعزز ويثير هذه الأوهام من جديد، ويضيع المزيد من الوقت لصالح استمرار الاحتلال والعدوان الاسرائيلي ضد الارض والانسان الفلسطيني .كما ان القضية الفلسطينية ليست على الأجندة السياسية للأحزاب في إسرائيل، وستبقى كذلك خلال السنتين القادمتين على أقل تقدير.
أما القول أن نتنياهو أفضل لحماس وأن غانتس أفضل للسلطة وأبو مازن، فهذا لا يتعدى إطار مقولة الأوهام السابقة مع أن مواقف غانتس المعلنة سابقاً تشير إلى دعمه عملية إعادة السلطة إلى غزة ولكن هذا لا يتم على حساب دفع إسرائيل لثمن باهظ في حرب واسعة مع غزة. من جهة أخرى فمن المتوقع استمرار مسار التهدئة بنفس الوتيرة بغض النظر عن حالة اللاإستقرار الحكومي أو الهوية السياسية لمن يشكل حكومة اسرائيل يميناً كان أو يسارا، ومن المستبعد حدوث مبادرات نوعية في هذا المجال من قبل إسرائيل ومن ذلك عملية تبادل أسرى على سبيل المثال.
بناء على ما سبق فلا حاجة لانتظار وترقب تغيّر الاوضاع الفلسطينية جوهريا -أو حتى اقل من ذلك- نتيجة الورطة التي تعانيها اسرائيل حاليا، والمطلوب من الفلسطيني توحيد صفوفه على قاعدة وثيقة الاسرى وتعزيز مقاومته للاحتلال بكافة الأشكال، واستمرار الضغط على الاحتلال وتحديدا في كل ما يتعلق بغزة حيث للمؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية دور كبير في اتخاذ القرارات بغض النظر عن حكومة مستقرة أم مؤقتة.