مرت العلاقة الدبلوماسية بين الأردن والاحتلال الإسرائيلي بعدة إشكاليات حادة خلال السنوات الأخيرة، في ملفات أهمها وصاية الأردن على المسجد الأقصى، وحادثة السفارة الإسرائيلية في عمان، وتحجيم دور الأردن في القضية الفلسطينية، ونية نتنياهو ضم الأغوار إلى (إسرائيل)، ما يبعث بالقلق على مصير اتفاق السلام بين الطرفين.
وفي تفاصيل القلق الإسرائيلي على مصير الاتفاق، قال يوسي بيلين، الذي شغل مهامّ عديدة بالكنيست والحكومات الإسرائيلية، إن (إسرائيل) مدعوة لإنقاذ اتفاق السلام مع الأردن، والتوقف عن النظر للمملكة على أنها دولة ضعيفة، بزعم أن موقعها الإقليمي في الشرق الأوسط ليس جوهريا، في حين أن المطلوب هو استغلال اتفاق السلام بين عمان و(تل أبيب)؛ للدفع قدما إلى الأمام بالمبادرة العربية لعام 2002، والانطلاق في مفاوضات على أساسها".
وأضاف في مقاله على موقع المونيتور أنه "ليس مفاجئا أن يوم الـ26 أكتوبر المقبل لن يشهد إقامة حفل لإحياء الذكرى السنوية الخامسة والعشرين لتوقيع اتفاق السلام بين البلدين، لأنه ببساطة لن يقام مثل هذا الحفل، لا بصورة فردية في العاصمتين، ولا بصورة مشتركة".
يشار إلى ان مقتل المواطنين الأردنيين قرب سفارة (إسرائيل) في عمان في يوليو 2017، وتهريب حارس أمن السفارة إلى (تل أبيب)، وحفاوة الاستقبال التي حظي بها من نتنياهو، كل ذلك أضر كثيرا بالعلاقة مع المملكة، وأسفر عن أزمة عميقة في علاقات الجانبين، وبعد أن وافقت عمان على استقبال سفير إسرائيلي جديد، جاء إعلان نتنياهو بضم غور الأردن في حال انتخابه، ما أثار ردود فعل أردنية غاضبة.
وختم بالقول إن "استمرار اتفاق السلام الأردني الإسرائيلي يوفر الأمن للجبهة الشرقية لـ(إسرائيل)، في ظل العلاقات الأمنية والاستخبارية العميقة بينهما، لكن النقابات المهنية الأردنية تقاطع (إسرائيل)، وزيارات المسؤولين الأردنيين إليها غير قائمة منذ سنوات طويلة، والبرلمان الأردني يشهد صدور تصريحات معادية لها، ودعوات للحكومة الأردنية لإلغاء اتفاق السلام معها".
التخوف السابق أكد عليه رئيس الموساد (الاستخبارات الخارجيّة) الأسبق، إفراييم هليفي، بقوله إننّي أرى خطرًا كبيرًا على اتفاق السلام مع الأردن، ولا أتهِّم المملكة بذلك، بل أُوجِّه أصابع الاتهام لـ(إسرائيل). وأضاف الرجل، الذي قاد المحادثات والمفاوضات السريّة مع الأردنيين، والتي أدّت لتوقيع الاتفاق عام 1994، أنّه في السنوات الأخيرة ابتعدت الحكومات الإسرائيليّة على اختلافها عن المملكة الهاشميّة، بالإضافة إلى احتقار الأردن والتقليل من وزنه والاستخفاف به.
وكشف هليفي النقاب عن أنّ (إسرائيل) تنظر إلى الأردن على أنّها دولة لا مفر لها إلّا الاعتماد على (إسرائيل)، وهذا خطأ، والتصرّف يُهدِّد بشكلٍ خطيرٍ اتفاقية السلام المُوقعّة مع الأردن، مُشدّدًا على أنّ إعلان نتنياهو نيتّه ضمّ غور الأردن وشمال البحر الميّت للسيادة الإسرائيليّة، يُشكِّل عمليًا تهديدًا وجوديًا على الأردن، وعلى استقرار النظام الحاكم فيه.
ورأى هليفي أن الوصاية الأردنيّة على المقدسات الإسلاميّة والمسيحيّة ليست واردةً في (صفقة القرن)، مؤكِّدًا على أنّ هذا الأمر، إذا كان صحيحًا، فهو خطير للغاية، مُشيرًا إلى أنّ حقيقة قيام (إسرائيل) بمدّ يدّ العون لإخراج هذا المُخطط إلى حيّز التنفيذ هو أيضًا يمّس مسًا سافِرًا بالمملكة الهاشميّة، لأنّ (تل أبيب) عمليًا تخرق خرقًا فاضحًا وواضحًا اتفاق السلام.
وفي التعقيب على ذلك، قال الكاتب والمحلل السياسي الأردني فهمي الكتوت أن العلاقة بين الاحتلال الإسرائيلي والأردن في أدنى درجاتها، في ظل المواقف الإسرائيلية المتتالية التي أضرت بالعلاقة بين الطرفين ووضعت اتفاقية وادي عربة في مهب الريح.
وأضاف الكتوت في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن الاحتلال الإسرائيلي عليه أن يقلق فعلا على مصير الاتفاق خلال الفترة المقبلة، في ظل استمرار التدهور في العلاقة بين الطرفين، وعدم اكتراث (إسرائيل) بالموقف الأردني من المواقف السياسية، والميدانية، في ظل استمرار الانتهاكات بحق المسجد الأقصى والضفة الغربية المحتلة.
وبيّن أن الأردن قد تكون ملزمة في مرحلة ما لتغيير موقفها من الاتفاق، في ظل اقتصار الاستفادة منه على الجانب الإسرائيلي، واستمرار التعنت الإسرائيلي إزاء الملف الفلسطيني بأكمله، وارتباط ذلك بالأردن بشكل مباشر، خصوصا في ظل حديث نتنياهو على ضم غور الأردن للسيادة الإسرائيلية.