يبدو واضحا أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى بكل الوسائل الممكنة إلى شحن حساب غزة في بنك الأهداف الذي يعده تحسبا لأي مواجهة عسكرية مقبلة مع المقاومة الفلسطينية، والتي كان آخرها جمع المعلومات تحت غطاء مؤسسات خيرية.
وفي التفاصيل، قالت وزارة الداخلية والأمن الوطني في قطاع غزة، إن (إسرائيل) تستخدم أساليب جديدة، لجمع المعلومات الاستخباراتية والأمنية، من خلال انتحال صفات جمعيات إنسانية، أو استغلال موقع التواصل الاجتماعي.
وأضافت الوزارة، في بيان لها، بعد تَمكّن الأجهزة الأمنية من شلّ قدرات المتخابرين مع الاحتلال وإلحاق الضعف بأجهزته الاستخباراتية، يسعى الاحتلال إلى تغيير أساليبه في جمع المعلومات من غزة".
ونشرت الجهات الأمنية بغزة تسجيلا صوتيا لمكالمة بين أحد ضباط جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) ومواطن من سكان مدينة غزة، يحاول فيه الضابط الحصول على معلومات حول أحد المقاومين الذي يسكن بجوار المواطن، بحجة صرف مساعدات من خلال جمعية خيرية.
وأوضح بيان الداخلية أن من ضمن الأساليب التي يستخدمها الاحتلال "الاتصالات الوهمية بالمواطنين، عبر انتحال صفة جمعيات وهيئات خيرية، للحصول على معلومات شخصية، وإنشاء عشرات الصفحات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، تحت عناوين مُخادعة".
ومن ضمن الوسائل أيضًا حسب "البيان الصحفي" "إنشاء صفحات بعناوين صريحة على مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء ضباط مخابرات، أو متحدثين باسم جيش الاحتلال يتم من خلالها التواصل المباشر مع بعض المواطنين، وإغرائهم بمبالغ مالية مقابل تقديم معلومات يعتبرها المواطن بسيطة وعامة".
من ناحيتها، قالت الفصائل الفلسطينية بقطاع غزة، إنها تتابع أساليب (إسرائيل) في جمع المعلومات الاستخبارية من القطاع تحت غطاء جمعيات خيرية ومؤسسات صحية وأخرى سياحية.
وقالت إن هذا اللوك (المظهر) الإسرائيلي يأتي "نتيجة التحدي" الذي فرضته الأجهزة الأمنية الفلسطينية عليها بعد كشف جزء كبير من عملائها.
وقالت الفصائل في بيان لغرفة العمليات المشتركة: "نتابع أساليب مخابرات العدو، ومكتب المنسق (صفحة إسرائيلية عبر موقع التواصل الاجتماعي) في جمع المعلومات عن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وأسلوب الاغتيال المعنوي للمجاهدين".
وأضاف البيان أن "الغرفة المشتركة عقدت اجتماعاً قبل شهر من الآن، وبحثت مخاطر سلوك العدو الجديد وأوعزت للجهات المختصة بضرورة القيام بخطوات تحبط توجه العدو الجديد"، مشيرةً إلى أن "تعاطي بعض الشخصيات الفلسطينية مع المنسق وضباط مكتبه فيه خطورة بالغة، وسلوك يتنافى مع القيم الوطنية".
وفي التعقيب على ذلك، قال الخبير والمختص في التوعية المجتمعية والإعلام محمد أبو هربيد إن الاحتلال الإسرائيلي بات يسعى إلى جمع المعلومات عن المقاومة الفلسطينية بغزة وتجنيد العملاء بأساليب جديدة غير واضحة وبواجهات ناعمة حيث يأتي الضابط الإسرائيلي الذي يجند بهيئة رجل يتبع لمؤسسة خيرية أو صحية أو تعليمية أو منحة ليس على شكله الحقيقي الخشن.
وأضاف أبو هربيد في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن الاحتلال الإسرائيلي ما عاد يتبع أسلوب الترهيب للمواطنين، بل عبر الهندسة الاجتماعية التي تعتمد على خداع الضحايا عبر سيناريو تقديم خدمة يستعطف الشخص ويخترق عقله ويقيم علاقة ويستغله بعد مرحلة وتجنيده كعميل.
وبيّن أبو هريبد أن لدى الاحتلال الإسرائيلي عجز في المعلومات ولذلك يكثف من هذه الأساليب من أجل الحصول على معلومات ذات كفاءة للاستفادة منها على الصعيد السياسي والأمني، وتمكنه من تغيير مسار المعركة وتحقيق انتصار على المقاومة، بناءً على المعلومات التي يحاول الحصول عليها.
وأكد على ضرورة توعية المواطنين لأن من ضمن ضحايا هذه الأساليب أشخاص محسوبون على نخبة المجتمع، نظرا إلى أنها أساليب ذكية تسحب المعلومات من المواطنين برضاهم، في ظل أن تجنيد العملاء يمثل عملية مستمرة تشمل كل فئات المجتمع.
وكانت المقاومة الفلسطينية والأجهزة الأمنية بغزة كشفت مئات العملاء مع الاحتلال الإسرائيلي خلال السنوات الماضية، وتمكنت من تفكيك خلايا عملت على اختراق الجدار الأمني الذي أوجدته المقاومة وأمن غزة على مدار العقد الأخير.