قد يبدو طبيعيا أن تتجرأ (إسرائيل) بعد يزيد عن عام من المغازلات بينها وبين دول الخليج على طرح بنودها الصارخة في مبادرة وصفتها "بالتاريخية" لعقد اتفاق ثنائي مع تلك الدول.
العديد من البدايات مهدت الطريق للمبادرة أولها بمصافحة وزير الخارجية البحريني لنظيره (الإسرائيلي) والتقاط الصور، واستضافة نتنياهو في عمٌان، مرورا بالكثير من الأحداث التي أظهرت أن شيئا ما يجري وراء الكواليس.
ومنذ وقت ليس ببعيد، كان الذوبان في جليد العلاقات العربية (الإسرائيلية) يبدو مستحيلا، ومع أن موجة النشاط الدبلوماسي قد تكون تمهيدا لتقارب تاريخي، إلا أن مراقبين اعتبروا أن بنود الصفقة "وقحة" على حد تعبيرهم فهي بدت كتحالف قد يصعّب المسألة.
ومنذ شهرين كشف وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن بلاده تعمل على رفع مستوى العلاقات مع دول الخليج العربي.
وخلال جلسة للجنة الخارجية والأمن البرلمانية في الكنيست قال كاتس إن تعزيز العلاقات مع دول الشرق الأوسط هدف مركزي لوزارته.
وأضاف أن "على رأس هذا الهدف رفع مستوى العلاقات مع دول الخليج"، مشيرا إلى أنه "التقى مؤخرا مع شخصية بارزة في دولة الإمارات".
قبل أيام أعلنت القناة 12 العبرية أن دول خليجيّة شكّلت طواقم مشتركة مع (إسرائيل)، لبحث تطبيع العلاقات، إثر مبادرة عرضها وزير الخارجيّة الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، على هامش الجمعية العامّة للأمم المتحدة.
وترتكز المبادرة إلى استغلال "المصالح المشتركة بين (إسرائيل) ودول خليجيّة لمواجهة إيران" من أجل تطبيع العلاقات في مجالي الحرب على الإرهاب والاقتصاد، وتقتصر المبادرة على هذين البندين، بحسب القناة، على ضوء "الاعتقاد بأنه من غير الممكن التوقيع على اتفاقيّات سلام كاملة في المرحلة الحاليّة، بسبب استمرار الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني".
وتنص المبادرة كما أوردتها القناة 12، على عدة بنود، تتجاوز في نصوصها مرحلة التطبيع لتصل إلى التحالف، ومنها:
أ. تطوير علاقات الصداقة والتعاون بين الدول تماشيا مع المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ الشرعية الدولية.
ب. اتخاذ الخطوات اللازمة والناجعة لضمان عدم تخطيط أو توجيه أو تمويل أعمال عدوانية أو أعمال عنف، وتهديدات وتحريض ضد الطرف الآخر من أراضي الدول الموقعة.
ت. الامتناع عن الانضمام أو تقديم المساعدة لأي تحالف أو تنظيم أو لمعاهدة ذات طابع عسكري أو أمني مع طرف ثالث.
ث. تسوية الخلافات التي قد تترتب عن المعاهدة ستتم عن طريق الاستشارات بين الأطراف الموقعة.
الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل رأى أنه من المهم انتظار استجابة الدول العربية المعنية رغم أن الوضع صعب، مشيرا إلى أن أمريكا تستغل توتر الوضع في الخليج لتشعرهم أنه لا يمكن الذهاب لحرب ضد إيران إلا بتحالف مع (إسرائيل).
وبين عوكل في حديث خاص "بالرسالة" أن أمريكا تروج أنه من الضروري تطوير العلاقات مع (إسرائيل) على خلفية أنها قادرة على مساعدتهم في مواجهة التهديد الإيراني.
ووصف عوكل المبادرة بالوقحة ومباشرة في بنودها، لذا فإن العرب ليسوا في وضع يسمح لهم بالتعامل مع المبادرة علنا، خاصة وأن صفقة القرن واجهت عقبات كبيرة لأن مضامينها مخجلة لأي طرف عربي يتعاطى معها، مشككا في إمكانية التعامل معها في هذه الصورة.
ويرى مراقبون أنه لا يمكن بحال فصل خطوات التطبيع الحالية عن السياسة الخارجية الأمريكية التي تسعى لتصفية القضية الفلسطينية تحت ستار ما يسمى بـ"صفقة القرن"، وكونها تأتي متناغمة مع سياسة ترامب لتطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية قبل الحل النهائي.
وتأتي مبادرة كاتس بدعم من رئيس الحكومة الإسرائيليّة، بنيامين نتنياهو، الذي ألغى زيارة للأمم المتحدة بسبب التطورات السياسية الداخلية، ومن غير الواضح إن كان سيلتقي هو بوزراء الخارجيّة الخليجيين.
كما عرض كاتس المبادرة على مبعوث الرئيس الأميركي الخاص للشرق الأوسط المستقيل، جيسون غرينبلات.
وبحسب القناة، أجرى كاتس سلسلة لقاءات على هامش اجتماعات الجمعيّة العامّة مع وزراء خارجيّة دول خليجيّة، عرض خلالها المبادرة التي وصفت "بالتاريخيّة، والهادفة إلى ’ إنهاء الصراع’ مع دول الخليج".
وعرض كاتس على الوزراء الخليجيين صياغة الاتفاق التي بلورت بنوده في وزارة الخارجيّة،
ولم تكشف القناة عن الوزراء الذين التقاهم كاتس، غير أنه التقى خلال العام الماضي بوزير الخارجيّة البحريني وزار الإمارات.