قبل أكثر من عشر سنوات كان أكثر من 120 ألف عامل غزي يعملون داخل (إسرائيل)، لكن بعد الانتخابات التشريعية الثانية، بدأ الاحتلال الإسرائيلي يشدد الخناق على قطاع غزة حتى أغلق معبر إيرز في وجه العمال مما زاد من نسبة البطالة وتشديد الحصار أكثر.
في السنوات الماضية وعود كثيرة كان يتردد عبر وسائل الإعلام العبرية سماح (إسرائيل) بفتح المجال لمنح العمال تصاريح الدخول للعمل، لكن كانت مجرد أوهام.
مسيرات العودة الشعبية التي انطلقت على الحدود الشرقية قبل عامين قلبت المعايير وشكلت ضغطا دوليا وإقليما على الكيان الإسرائيلي لذلك اختار تنفيذ تفاهمات مع الفصائل الفلسطينية بوساطة مصرية ورعاية قطرية وأممية في القطاع لتخفيف حدة الحصار وإدخال احتياجات الغزيين من غذاء ودواء.
وأعلنت (إسرائيل) في الشهور الماضية إمكانية دراستها فكرة إدخال عمال فلسطينيين من قطاع غزة للعمل في البلدات الإسرائيلية المحيطة بالقطاع من أجل تخفيف حدة التوتر بين الجانبين.
واعتبر مصدر أمني إسرائيلي أن إدخال العمال الفلسطينيين من القطاع الى البلدات الإسرائيلية المحيطة بقطاع غزة للعمل، سيكلف اقل بكثير من الاستعانة بالعمال التايلنديين لنفس المهمة، كون العمال الفلسطينيين لن يحتاجوا الى أماكن مبيت لأنهم سيأتون ويغادرون يوميا الى بيوتهم.
وأضاف ذات المصدر الأمني وقتئذ انه بالإمكان البدء بدفعة تجريبية من العمال الفلسطينيين من القطاع عددها 5 آلاف عامل يسمح لهم بالدخول للعمل في (إسرائيل)، وعلى ضوء ذلك سيتم النظر في تطوير الفكرة في حال سمحت الحكومة بذلك".
مؤخرا أعلن الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، أن الاحتلال الإسرائيلي يسمح لفلسطينيين من قطاع غزة يملكون تصريحًا تجاريًا، بالعمل داخل المدن الإسرائيلية، موضحا في بيانه الذي وصل "الرسالة" نسخة عنه أن الاحتلال يعتمد تصاريح تجارية ليعفي نفسه من حقوق العامل من إصابات وتأمينات وأي حقوق أخرى.
واعتبر الاتحاد أن السماح لـ 5 آلاف فلسطيني من غزة بالدخول لـ(إسرائيل) هو نتيجة لانعكاسات مسيرة العودة ومساعي الاحتلال لوقف التوتر، معتبرا أن المسيرات الشعبية على الحدود الشرقية شكلت ضغطاً دولياً وإقليمياً على الكيان لذلك اختار الاحتلال تنفيذ تفاهمات مع الفصائل الفلسطينية ليكون الملاذ الأفضل والأنجح".
في حين يقول الدكتور سمير أبو مدللة أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة، إن التصاريح التي سمحت بها (إسرائيل) محدودة، ففي عام 2000 كان عدد العمال يقدر بـ 140 ألف عامل غزي وكان عملهم داخل الخط الأخضر يحسن الوضع الاقتصادي، كما الحال في الضفة المحتلة والذي يبلغ عدد العمال الذين يعملون في (إسرائيل) حوالي 130 ألف.
ولفت خلال حديثه "للرسالة" إلى أن وقف العمال الغزيين سبب في إيجاد 350 ألف عاطل عن العمل، ووصلت نسبة الفقر إلى 54%.
وأوضح أن السماح لخمسة آلاف بالعمل في البلدات "الإسرائيلية" سيخفف عن عائلاتهم وسيحسن وضعهم المادي، لكن تبقى الأزمة الاقتصادية كما هي.
ويشير أبو مدللة الى أن الفرد الواحد سيتقاضى على الأقل 5300 شيكل (نحو 1500$)، وهذا يعني انه سيدخل القطاع شهريا حوالي 25 مليون شيكل، مبينا أن هذا المبلغ عبارة عن قوة شرائية هائلة تنعش الاقتصاد الغزي، وسيدخل الكثير من التحسن على الحياة اليومية للغزيين وسيهدئ الساحة من الناحية الأمنية، وسيكون كل انتهاك للهدوء مرفقا بإغلاق المعابر أمام هؤلاء العمال، أي سيتطلع العمال وذووهم الى الحفاظ على هذا المكسب.