تواصلت المظاهرات في ساحات الاعتصام بمختلف المناطق اللبنانية لليوم السابع، وبينما يترقب الشارع اللبناني كلمة للرئيس ميشال عون هي الأولى منذ بدء الاحتجاجات، اعتبرت واشنطن أن مطالب المتظاهرين "مشروعة".
وافترش آلاف اللبنانيين الشوارع الأربعاء، وهم يلوحون بالأعلام ويرددون شعارات "سلمية سلمية" ردا على محاولة وحدات من الجيش تنفيذ أوامر بفتح الطرق المغلقة في اليوم السابع من حراك شعبي غير مسبوق يطالب برحيل الطبقة السياسية.
ونفّذ الجيش انتشارا غير مسبوق منذ انطلاق التظاهرات ضد الطبقة السياسية، لفتح الطرق الرئيسية في مختلف المناطق بالقوة، تنفيذا لما وصفه مصدر عسكري لوكالة الصحافة الفرنسية بـ"قرار لفتح الطرق العامة وتسهيل تنقل المواطنين".
واصطدمت محاولاته شمال بيروت برفض مطلق من المتظاهرين الذين افترشوا الطرق ورددوا النشيد الوطني اللبناني، وتضاعفت أعدادهم تدريجيا رغم تساقط المطر خصوصا في محلتي الزوق وجل الديب شمال شرق بيروت.
ووقعت حالة من الهرج والمرج وتدافع وصل إلى حدّ تعرض متظاهرين للضرب. ورغم ذلك، ردّد المتظاهرون "ثورة ثورة" موجهين التحية للجيش وقدموا لهم الورود، ورددوا النشيد الوطني. وبدا جنود عاجزين إزاء هذا المشهد وذرف بعضهم الدموع تأثرا.
وبعد أكثر من ست ساعات، انسحبت وحدات الجيش ليلا من الزوق وجل الديب، وأبقت عناصر حماية. واستقبل المتظاهرون ذلك بالتصفيق والتحية.
وقد جددت قيادة الجيش اللبناني في بيان لها وقوفها إلى جانب المتظاهرين في ما وصفتها بمطالبهم الحياتية المحقة. ودعت المتظاهرين إلى عدم إغلاق الطرق.
واشنطن تدعم
من جهتها، دعت الولايات المتحدة الأربعاء القادة اللبنانيين إلى الاستجابة للمطالب "المشروعة" لمواطنيهم.
وصرح المكلّف ملف الشرق الأوسط في الخارجية الأميركية ديفيد شينكر بأن الولايات المتحدة "على استعداد لمساعدة الحكومة اللبنانية" في اتخاذ إجراءات.
وأضاف شينكر أن الشعب اللبناني "غاضب بحق" من حكومته لرفضها معالجة الفساد وأن الاحتجاجات تعكس مطالب اللبنانيين باتخاذ إجراء.
وتابع أن التظاهرات تظهر ضرورة قيام "نقاش صريح" بين القادة والمواطنين حول "المطالب التي عبّر عنها منذ أمد بعيد الشعب اللبناني الذي يرغب بإصلاحات اقتصادية ونهاية الفساد المزمن".
وشدد شينكر على أنه "يعود للشعب اللبناني تقرير ما إذا كانت هذه الاصلاحات تلبي رغبته المشروعة في العيش في بلد مزدهر ومحرّر من الفساد الذي يحدّ من قدراته منذ أمد بعيد جدا".
وفي السياق، تظاهر عشرات من أبناء الجالية اللبنانية في العاصمة الأميركية واشنطن دعما للاحتجاجات في بلادهم.
وردد المتظاهرون شعارات تدعو إلى إسقاط جميع المسؤولين اللبنانيين والقضاء على الطائفية السياسية وتطالب بمكافحة الفساد.
ورأى المتظاهرون أن الاحتجاجات الجارية في لبنان منذ أسبوع تمثل ثورة حقيقية، داعين حكومات العالم -وبينها الإدارة الأميركية- إلى مصادرة أموال المسؤولين اللبنانيين في الخارج.
وهذه هي المرة الثانية التي يتظاهر فيها أبناء الجالية اللبنانية في الولايات المتحدة دعما للحراك الشعبي في لبنان خلال أسبوع.
مواقف لبنانية
وتأتي هذه التطورات في وقت يترقب فيه الشارع اللبناني كلمة للرئيس ميشال عون ظهر اليوم الخميس يتحدث فيها عن آخر التطورات في البلاد.
وقال مصدر بالمكتب الإعلامي للرئيس اللبناني إن "عون سيجيب على الأسئلة المطروحة كافّة ويتحدث عن الأحداث الأخيرة التي يشهدها لبنان".
وأدلى رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، الأربعاء، بأول تعليق له على الاحتجاجات المستمرة منذ مساء الخميس الماضي.
وقال بري -على لسان النائب علي بزي، عضو كتلة حركة أمل النيابية التي يرأسها الأول- إن البلد لا يحتمل أن يبقى معلقا، معربا عن خشيته من الفراغ.
كما أعلن مفتي لبنان الشيخ عبد اللطيف دريان تأييد دار الفتوى واحتضانها لمطالب الاحتجاجات.
ودعا مفتي لبنان المسؤولين إلى النظر بإيجابية تجاه مطالب الشعب الذي يعاني من أعباء التدهور في الأوضاع الاقتصادية والمالية بالبلاد.
بدورها، أعلنت الرابطة المارونية في لبنان، الأربعاء، تأييدها للاحتجاجات الشعبية، وتعاطفها مع أهدافها.
وقالت الرابطة -في بيان- إن "صوت الانتفاضة وصل إلى مسامع الجميع، ويجب أخذه بما يستحق من جدية، ومحاسبة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة يجب أن تكون في رأس أولويات الدولة".
في سياق متصل، دعا رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إلى ضرورة فتح الطرقات التي يغلقها المحتجون.
واجتمع رئيس الوزراء، الأربعاء، في بيت الوسط (منزله) في بيروت، مع رئيس المصرف المركزي اللبناني رياض سلامة، وبحث معه الأوضاع الاقتصادية والمالية العامة.
وأعلنت جمعية المصارف في لبنان في بيان مقتضب الاستمرار بإقفال أبواب البنوك، الخميس، في انتظار استتباب الأوضاع العامة بالبلاد.
من جهته، دعا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى عدم قمع التظاهر السلمي من أي جهة كانت.
وقال جنبلاط، عبر تويتر "لا لقمع التظاهر السلمي من أي جهة، ولا لاستخدام السلطة للأجهزة في مواجهة حرية الرأي، لا لنظريات المؤامرة البالية نظريات الأنظمة العربية الدكتاتورية التي قمعت الشعوب تحت شعار لا صوت فوق صوت البندقية".
المصدر : الجزيرة + وكالات