اقتحم مئات المتظاهرين الغاضبين، الجمعة، المنطقة الخضراء (الدبلوماسية) وسط العاصمة العراقية بغداد بعد نجاحهم في إزالة الحواجز التي وضعتها قوات الأمن على جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة.
وأطلقت قوات الأمن قنابل الغاز المدمع في محاولة لتفريق المحتجين قرب الجسر.
وبدأ المتظاهرون برفع الحواجز غير الإسمنتية، من على جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء، بعد تقدمهم من ساحة التحرير التي احتشدوا فيها منذ ساعات.
ونقلت وكالة الأناضول عن ضابط بالشرطة العراقية أن المئات من المتظاهرين تمكنوا من اقتحام بوابة المنطقة الخضراء من جهة وزارة التخطيط بعد أن أزالوا جميع الحواجز التي وضعتها قوات الأمن على جسر الجمهورية.
وأوضح المصدر أن المتظاهرين يطالبون باستقالة الحكومة. وأشار إلى أن القوات الأمنية لجأت إلى خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين، لكن دون جدوى.
وقال إن قوات الأمن عززت تواجدها داخل المنطقة الخضراء وتجري مفاوضات مع المتظاهرين لإقناعهم بالانسحاب.
واستخدمت القوات الأمنية العراقية ليل الخميس الجمعة خراطيم المياه لتفريق متظاهرين مناهضين للحكومة عند مدخل المنطقة الخضراء، بحسب ما أفاد شهود.
وتضم المنطقة الخضراء مقار الحكومة والبرلمان ومنازل المسؤولين والبعثات الدبلوماسية الأجنبية. وتحولت على مر السنوات إلى رمز لانعزال الطبقة السياسية عن الشعب.وفي ساحة التحرير في بغداد، تجمع مئات المتظاهرين الخميس هاتفين "كلهم سارقون"، في إشارة إلى الطبقة السياسية.
وتوجه وزير الداخلية ياسين الياسري إلى ميدان التحرير مساء الخميس لكي يؤكد للمتظاهرين أن قوات الأمن منتشرة لحمايتهم، بحسب ما جاء في بيان رسمي.
وفي محافظات ميسان والبصرة وذي قار احتشد المئات من المتظاهرين فجر اليوم في الساحات العامة وأمام مقار الادارات المحلية معلنين اعتصاما مفتوحا بالتزامن مع احتجاجات بغداد.
وفي مدينة الناصرية (300 كلم جنوب بغداد)، دعا متظاهرون إلى "اعتصامات حتى سقوط النظام".
وقال مجيد الحسيني أحد منسقي الاحتجاجات في جنوب العراق للأناضول، إن المئات من المظاهرين بدأوا التوافد فجر اليوم على ساحات الاعتصام التي حددناها سابقا في محافظات ميسان وذي قار والبصرة، مشيرا إلى أن المتظاهرين اتفقوا على إعلان الاعتصام المفتوح حتى تحقيق المطالب.
وأوضح الحسيني أنهم يطالبون بتشكيل حكومة جديدة على شرط أن تكون خالية من أي شخصيات تابعة للأحزاب السياسية والدينية التي حكمت البلاد طيلة السنوات الماضية.
وتابع الحسيني حتى اللحظة تتعامل قوات الأمن بمهنية مع المتظاهرين.
العراق شهد احتجاجات كبيرة مطلع الشهر الجاري (رويترز) |
أجواء مشحونة
ومن المتوقع أن تتسع رقعة التظاهرات صباح الجمعة، على أن ينضم إليها في فترة بعد الظهر أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي يدعم تحالف "سائرون" البرلماني الفائز في الانتخابات التشريعية في مايو/أيار 2018.
ودعا الصدر أنصاره إلى التظاهر، كما طلب من فصائل "سرايا السلام" المسلحة التي يتزعمها الاستعداد "لحماية المتظاهرين"، ما أثار مخاوف من حصول مزيد من أعمال العنف.
وتهافت العراقيون على المتاجر ومحطات الوقود، للاستعداد لما يمكن أن يحدث.
في الأثناء، أفادت السفارة الأميركية في بغداد، أنها تنصح مواطني بلدها بتنجنب السفر إلى العراق باستثناء إقليم كردستان في شمال العراق، بالتزامن مع تظاهرات في العاصمة وعدة مدن.
كما حثت السفارة -في بيان- مواطني بلدها المتواجدين في العراق على تجنب أماكن المظاهرات، والامتثال لتعليمات السلطات، ومراقبة وسائل الإعلام المحلية لمعرفة الأخبار الجديدة.
عادل عبدالمهدي تعهد بمعاقبة المفسدين (الجزيرة) |
تعديل وزاري مرتقب
من جهته، أقر رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي أمس حزمة إصلاحات جديدة من ضمنها حصر السلاح بيد الدولة، والعمل على دمج فصائل الحشد الشعبي الشيعية بأجهزة الدولة في مسعى لتهدئة الاحتجاجات التي استأنفت ضد حكومته.
وقال عبد المهدي -في خطاب متلفز- إن "على القوى السياسية أن تدرك أن المعادلات السياسية السابقة تغيرت، ونحن أمام أزمة نظام، لم تدركها القوى لكن أدركها الشعب".
وقال رئيس الوزراء العراقي إنه سيجري تعديلا وزاريا الأسبوع المقبل بعيدا عن المحاصصة الطائفية ويستند إلى الكفاءة. وقد تعهد عبد المهدي بإشراك الشباب والمرأة بشكل أكبر في التشكيلة الجديدة، كما تعهد بمعاقبة المفسدين.
كما قال رئيس الوزراء العراقي إن الدعوة لإسقاط الحكومة وانتخابات مبكرة وتعديلات دستورية حق شرعي يضمنه الدستور والقوانين، لكن الضغط ومحاولة تحقيق ذلك خارج إطار السياقات الدستورية مغامرة سبق للعراق أن دفع ثمنها مرارا، على حد قوله.
كما تعهد عبد المهدي بتقليص رواتب المسؤولين من الرئاسات الثلاث. وكشف عن إنشاء صندوق اجتماعي من فائض تقليص الرواتب يتولى محاربة الفقر عبر تقديم منح للعراقيين الأكثر فقرا.
وبدأت الاحتجاجات في بغداد للمطالبة بتحسين الخدمات وتوفير فرص عمل ومحاربة الفساد، قبل أن تمتد إلى محافظات جنوبية ذات أكثرية شيعية، وتستمر لمدة أسبوع.
ولاحقا رفع المتظاهرون سقف مطالبهم، ودعوا لاستقالة الحكومة، إثر لجوء قوات الأمن للعنف. ووفق تقرير حكومي فإن 149 محتجا و8 من أفراد الأمن قتلوا خلال الاحتجاجات.
المصدر : الجزيرة + وكالات