لكل زاوية في قطاع غزة حكاية تميزها عن الأزقة المجاورة، كون المدينة التي لا يتجاوز مساحتها 365 كم² شهدت أحداث تاريخية عظيمة جعلتها ذات مكانة حضارية، فجدران المدينة العتيقة تروى حكايات أشخاص كثر كانت لهم حصنا و سندوا عليها ذات اليوم.
عبر سطور "الرسالة نت" نصطحب القارئ في رحلة للتعرف على حكاية مسجد النصر الواقع في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، فالمار بجانبه يظنه حديث البناء ، لكن الباحث في تاريخ المدينة يجد أنه بني في العصر الأيوبي، ويعتبر من أهم المعالم التاريخية الإسلامية في مدينة غزة.
وكما هو مدون على البلاطة المثبتة فوق المسجد فقد وقعت معركة بين الفرنجة والمسلمين في بيت حانون عام 637 هـ، أنهزم فيها الفرنجة وقد بني خصيصاً لذكرى هذه الموقعة.
لكن المسجد هدم في هجوم (إسرائيلي) تعرضت له مدينة بيت حانون في شهر نوفمبر من العام 2006، وأعيد بناءه عام 2011.
عند الدخول إلى المسجد العتيق سيجد المصلين نقشا على بابه كتب عليه بعد الانتصار في تلك المعركة "" بسم الله الرحمن الرحيم " إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين " صدق الله العظيم.
وكما هو مدون "أمر بإنشاء هذا المسجد المبارك الأمير الأجل الكبير الغازي المجاهد شمس الدين سنقر الملكي الكاملي العادلي عند كسره الإفرنج - خذلهم الله ببيت حانون يوم الأحد الثامن من ربيع الآخر سنة 637هـ وعنده من استشهد من أصحابه في الموقعة - عمره ابتغاء وجه الله - رحم الله من قرأه ودعا له بالرحمة والمغفرة ولجميع المسلمين آمين".
والباحث في تاريخ بناء مسجد النصر يجد أنه بني في قرية بيت حانون قبل ان تصبح مدينة وهو ثاني مسجد في قطاع غزة بعد المسجد العمري لذلك يعتبر معلما تاريخياً سياحياً كان السياح يتوافدون اليه وخاصة "السياح اليهود" عندما كان القطاع محتلاً من قبل الاحتلال الاسرائيلي، وتم ترميم المسجد عدة مرات للمحافظة عليه وعلى أصله التاريخي ومكانته الدينية.
وقبل أن يهدم الاحتلال مسجد النصر ويعاد ترميمه من جديد، كان عبارة عن حُجرتان مبنية من الحجارة تسمى بـ " قناني الفخار " وهي عبارة عن مثلثات كروية الشكل، كما ان اللوحة التأسيسية نقش عليها بالخط النسخ الأيوبي ويتميز بسقفه الجميل ويتوسطها قبة ضحلة.
ورغم تغير ملامح المسجد الأصلية، إلا أنه لايزال يحتفظ بمكانته وبنائه على الطراز الحديث لعدة اسباب منها: أن سبب بنائه هو الاعتزاز بالنصر الذي حققه المسلمون بهزيمتهم للصليبين، والأرض الذي انشئ عليها هي أرض ساحة المعركة، وأخيرا لأن عدداً من الشهداء المسلمين دفنوا في نفس المكان.