عاد الهدوء إلى أجواء قطاع غزة، بعد ليلة ساخنة من التصعيد الذي أدى إلى استشهاد فلسطيني وإصابة ثلاثة آخرين في قصف طائرات الاحتلال الحربية لمواقع المقاومة بمناطق متفرقة من قطاع غزة.
وزعم بيان للمتحدث باسم جيش الاحتلال أن القصف جاء بذريعة إطلاق المقاومة قرابة 10 صواريخ من قطاع غزة باتجاه مستوطنات الغلاف وتضرر منزل في "سديروت" بشكل مباشر وتضرر عدة مركبات نتيجة سقوط رشقتين من الصواريخ واعتراض القبة الحديدة غالبيتها.
وما يزيد من تعقيدات الأمور أن هذه الجولة من التصعيد تأتي في ظل مشاورات قيادة الاحتلال لتشكيل حكومة على ضوء الانتخابات الأخيرة وتأزم المشهد السياسي في إسرائيل والذي يدفعها بالضغط المتواصل على الوسطاء من أجل الحفاظ قدر الإمكان على حالة الهدوء في القطاع.
ومن المهم ذكره أن ما سبق يتقاطع مع التحذيرات (إسرائيلية) من اشتعال الجبهة الشمالية أو اندلاع حرب كبيرة على عدة جبهات، وفق تقارير مطولة نشرتها صحيفتي "هآرتس" و "يديعوت أحرونوت"، وهو ما يضبط إيقاع جولة التصعيد إلى الحد الذي لا يسمح بتدهور الأوضاع وإبقائها بين الفعل ورده.
حساسية الموقف
ويؤكد الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي د. عدنان أبو عامر أن الأوضاع الأمنية والعسكرية في (إسرائيل) حساسة جدا في المرحلة الراهنة نتيجة الأوضاع السياسية فيها، لافتا إلى أن كل الأنظار متوجهة نحو الجبهة الشمالية سواء مع لبنان أو إيران.
ويوضح أبو عامر في حديثه لـ"الرسالة" أن قيادة الاحتلال والجيش لا يعتقدون أن الأوضاع على جبهة غزة مُلحة وعاجلة إلا في حالة حدث تطور ميداني مباشر، أجبر الطرفان على الذهاب إلى الفعل ورد الفعل وهنا قد تدحرج الأمور إلى نهايات لا يريدها أحد.
وأشار إلى أن هذا الأمر يتطلب حالة من ضبط النفس والأداء الميداني كي لا يستغلها العدو لتحقيق مآرب أخرى له، أو تصدير أزماته الداخلية تجاه قطاع غزة.
تبادل اللكمات
ويرى الخبير والمختص في الشأن الإسرائيلي د. عمر جعارة أن التصعيد الأخير يأتي بعد 10 جولات متشابهة، تدفع الشارع والجمهور (الإسرائيلي) إلى التساؤل المتكرر "إسرائيل" إلى أين ذاهبة ولماذا لا تستطيع حل مشكلة الصواريخ التي تنطلق بين حين وآخر من قطاع غزة.
ويؤكد جعارة في حديثه لـ"الرسالة" أن هناك خيبة أمل من الجمهور (الإسرائيلي) الذي بات يعتقد أن الجيش لا يستطيع وغير قادر على دفع ثمن التغلب على المقاومة وصواريخها في القطاع، وهو ما يزيد من تعقيد الأمور الأمنية على جبهة غزة.
وبين أن الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد)، تامير باردو، قال في احدى مقابلته " الويل لإسرائيل ثم الويل ثم الويل لها إذا لم تمتلك استراتيجية للتعامل مع قطاع غزة والضفة" ويعقب جعارة على ذلك بالقول "هذه العبارات تعطينا دليل قاطع أن (إسرائيل) لن تستطيع التغلب على المقاومة طالما لم تصبح الأخيرة دولة".
ويشير إلى أنه طالما المقاومة ليست دولة وليست فوق الأرض فإن (إسرائيل) لا تستطيع اسقاطها بدليل جولات التصعيد الأخيرة والتي توقع خسائر من المدنيين الفلسطينيين ولا تزيد المقاومة إلا قوة وثبات.
ولفت إلى أن مراسل القناة العبرية العاشرة ألون بن دافيد يعقب على التصعيد بالأمس بقوله إن تبادل اللكمات ما بين "إسرائيل" والمقاومة سيبقى ويستمر إلا في حال اتخذت (إسرائيل) قرار بالقضاء على المقاومة ونظام الحكم بغزة وهذا الأمر له تبعات كبيرة "وهل قادرة إسرائيل على دفعها"
وفي نهاية المطاف يمكن القول إن حالة التصعيد بين المقاومة والاحتلال ستبقى محصورة بين الفعل ورده، فيما يبقى الميدان هو الحكم بين ما يمكن أن تؤول إليه الأمور خلال جولات التصعيد.