يظهر من زيارة مستشار الرئيس الأمريكي، جاريد كوشنر، لـ(إسرائيل) ولقائه بالمكلف بتشكيل الحكومة (الإسرائيلية) بيني غانتس للمرة الأولى بصفته الرسمية، حجم الخطر الذي يتهدد صفقة القرن في حال لم يتم التوافق على تشكيل الحكومة بين غانتس وبنيامين نتنياهو.
ودعا كوشنر وهو أحد مهندسي صفقة القرن التي جهزتها الإدارة الأمريكية في عهد ترمب، غانتس ونتنياهو إلى العمل معا في سيبل تشكيل حكومة وحدة من أجل اغتنام ما وصفها بـ"الفرص الهائلة" في المنطقة، كما قال في مقابلة بُثت قبل أيام.
وقال كوشنر إنه يعتقد أن نتنياهو وغانتس يريدان "المضي قدما" ووضع حد لحالة الجمود السياسي بعد النتائج غير الحاسمة للانتخابات، مضيفا: "الرسالة التي حملتها مفادها أن هناك فرصا هائلة حققناها على مدى العامين ونصف الماضية، ولكن هناك حتى فرص أكثر يمكن أن ننتهزها معا، لذلك سيكون من الرائع بالنسبة (لإسرائيل) أن تجد طريقة لتشكيل حكومة حتى نتمكن من بدء العمل على جميع الأولويات والفرص الكبيرة القائمة".
وفي محاولة منه لاستجلاب موقف إيجابي من غانتس، وصف كوشنر رئيس حزب أزرق أبيض بيني غانتس الذي كان رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال (الإسرائيلي سابقا)، بأنه "جنرال عظيم" وقال: "يبدو أن لديه حسن نية في جلب الخير (لإسرائيل)، لكن بدا أنه يقلل من إمكانية تشكيل حكومة لا تشمل نتنياهو.
وجاء اللقاء الأول بين قيادة أزرق أبيض ومسؤولين أمريكيين، بعد أيام من قيام رئيس الكيان (الإسرائيلي) رؤوفين ريفلين بتكليف غانتس بمهمة تشكيل حكومة، بعد فشل نتنياهو بالمهمة عقب انتخابات سبتمبر.
ويتضح أن كوشنر اختار نقل رسالة البيت الأبيض بصورة علنية، بغض النظر عن صلتها بما يجري في أروقة أحزاب (تل أبيب) المتصارعة، وذلك لرغبة البيت الأبيض في تشكيل حكومة ائتلافية، حيث يسعى البيت الأبيض لتفادي إجراء انتخابات ثالثة، تجنبًا لعرقلة خطط مبادرات واشنطن الإقليمية في الشرق الأوسط.
ويأتي سعي كوشنر في (إسرائيل) حرصا من الإدارة الأمريكية على عدم فشل "صفقة القرن"، حيث قال كوشنر "إن البيت الأبيض حريص على نشر خطة السلام، ولدينا أفكار كثيرة نريد أن نضعها حيز التنفيذ، ونأمل أن ننتهز الفرصة للجمع بين طرفي قضية طال الخلاف بشأنها لفترة طويلة جدًا".
وفي التعقيب على ذلك، يقول المختص في الشؤون (الإسرائيلية) أحمد رفيق عوض إن الإدارة الأمريكية لديها رغبة جامحة في الإعلان عن خطة السلام "صفقة القرن" قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2020، إلا أن الخلاف السياسي (الإسرائيلي) في أعقاب انتخابات الكنيست وقفت حائلا دون تحقيق الرغبة (الإسرائيلية).
وأضاف عوض في اتصال هاتفي مع "الرسالة":" الضغط الأمريكي على نتنياهو وغانتس سيتضاعف في الفترة الحالية، لإنجاح تشكيل حكومية ائتلافية بين كل القطبين، وهذا ما يتضح من زيارة كوشنر إلى المنطقة، ولقاءاته بالمسؤولين (الإسرائيليين)، بالإضافة إلى ضغوطات سرية من المحتمل أن تبلغ ذروتها في الأيام القليلة المقبلة.
وبيّن أن فشل غانتس في تشكيل الحكومة برغم الضغوطات الأمريكية، والدعوات (الإسرائيلية) الداخلية، ينعكس بشكل مباشر على الإعلان عن "صفقة القرن" في حال الدخول في انتخابات للمرة الثالثة قد لا تختلف في نتائجها عن المرتين السابقتين.
وفي نهاية المطاف، يظهر الاهتمام الأمريكي بتحقيق إنجاز سياسي تاريخي لصالح (إسرائيل)، بالتغلب على المعيقات التي تقف في طريق الإعلان عن "صفقة القرن"، في حين أن الطرف العربي بما فيه سلطة حركة فتح لا تزال تائهة في طريقة التعامل مع الموقف الأمريكي، في حال لم تكن متواطئة معه أصلا.