دقات عقارب الساعة بدأت تُسمع، وسرعتها في قضم ما تبقى من زمن لتشكيل الحكومة الصهيونية يتسارع ، والآمال في تحقيق هذه المهمة تتضاءل، الأمر الذي يعني اقترابنا من جولة انتخابية ثالثة لها استحقاقات وتأثيرات مالية وإدارية وسياسية ومضاعفات استراتيجية في ظل حالة التدافع والتسارع باتجاه تناقضات كبيرة، غالبيتهم لا يستحضرها كثيراً فالهموم والمشاكل التي تُغرقهم في تفاصيلها تحت الشجرة وفي حدود الأغصان مجبرين تجعلهم أقل قدرةً على رؤية الغابة والمشهد الكامل .
فدولة الاحتلال تضعف مرتين، مرة لأنها لا تمنع أعدائها من استغلال هذه المحطات الفارقة في بناء ذاتهم والتحضير والاستعداد لتحقيق أهدافهم، وأخرى عندما لا تبني قواتها ومعداتها واستعداد جنودها بما يتلاءم مع التحديات.
حقب زمنية يغيب عنها التحدي الأشهر والأعوام لا تعني شيئاً، وآثارها محدودة، والهمة التي تقف خلف من يديرونها قليلة، وفي محطات أخرى فارقة تكون للأيام والأسابيع والأشهر قيمة ترفع وتُخفض، فعندما تهب رياح الخير المتحفزون يغتنموها ولا يتركوها تمر دون أن يأخذوا نصيبهم كاملاً منها، لكن المشوَّهون بعقلهم الشاردين التائهين المشتتين برؤيتهم يحاولون أن يطفو على السطح انتفاشاً كما حدث في غزة بمن شنوا هجوماً مباغتاً على العدو الصهيوني فمنحوه فرصة للقتل والتدمير في لحظة لم يكن الجميع متيقظاً متحرزاً، المُشاهِد من بعيد يهلل لهم ولا يعلم قيمة الأضرار التي تسببوا فيها .
إن الفراغ الذي يعيشه الكيان لم يغير من سياسة غالبية الدول العربية ولم يعن لها شيئاً لأنها لا تخوض حالة من التنافس مع هذا العدو، ولا ترى نفسها في حالة الازدحام والاكتظاظ التي تمر بها المنطقة، لكن هناك لاعبون صامتون يستغلون الثواني في هذه الظروف، يرسمون المستقبل تحت الستار، ويقضون حوائجهم بالسر والكتمان ، العدو يكاتفهم ويزاحفهم كتفاً بكتف يستشعر بفطرة الصراع على البقاء والمخاطر المحدقة بكيانه وسلامة وجوده، ويرسم مسرحاً لعمليات سيواجهها يفهم حدودها وعنفوانها من شذرات المعطيات المتطايرة، يُركبها بهدوء على عشرات الوجوه فتكتمل فسيفساء ملحمية لا يستطيع معاجلتها فيواجهها في ظل هذا الفراغ، ولا الصبر عليها فيمنعها ، إنها الملحمة التي غابت عن بعض الأخوة الغارقين في التفاصيل الذين يلعبون تحت الأغصان وفي ظل شجرة
يقرؤون ولا يتدبرون :
"إن تنصروا الله ينصركم " خطاب قرآني لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه يخاطبنا ونعاود ترديده، وعد غير مكذوب
"وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى"
فمهما انتفش العدو وتمختر وتجبر لا يجوسه إلا " عباد لنا" فالإيمان والعمل بتوجيهات القرآن شروط أساسية إضافة للإعداد والاستعداد بكل جوانبه ومجالاته من الإنسان إلى المعدات فهماً وتدريباً وتسليحاً ويد الله فوق أيديهم ترفع أصحاب الحق المؤمنين بقضيتهم وتخفض من مكانة المحتلين في أعينهم.
واعلموا يقيناً أنه لا يحدث في ملك الله إلا ما أراد الله