لطالما شكلت منتجات مستوطنات الضفة المحتلة صداعا لدى حكومات الاحتلال المتعاقبة، بسبب النفور منها دوليا وعدم الاعتراف بها، وهو ما يدفع الاحتلال لتخفيض أسعار هذه المنتجات لتسويقها.
وجاء قرار إدارة ترامب باعتبار المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة "لا تخالف القانون الدولي"، ليشكل مخرجا للاحتلال في شرعنة تلك المنتجات.
ولعل هذا القرار سيجد أسواقا لمنتجات المستوطنات التي ترفض معظم دول العالم إدخالها لأراضيها، وأهم هذه الأسواق الولايات المتحدة التي تعتبر الشريك الاقتصادي الكبير لـ (إسرائيل).
تشجيع على النهب
بدوره، أكد عصمت منصور المختص في شؤون الاستيطان أن قرار إدارة ترامب بشرعنة المستوطنات يعطي "نفسا قويا" لمشاريع (إسرائيل) ويزيل الكثير من العقبات أمام العالم الذي يرى هذه المستوطنات غير شرعية.
وقال منصور لـ "الرسالة": "(إسرائيل) تعتمد بشكل كبير على انتاج المستوطنات لأن المخزون المائي والمواد الخام تتواجد في مستوطنات الضفة، وهو ما سيدفعها لتعزيز عدد الأيدي العاملة والانتاج في المستوطنات".
ولفت إلى أن مثل هذا القرار سيعمل على زيادة هيمنة الاحتلال على اقتصاد الضفة وزيادة النهب.
وأوضح أن عملية بناء المستوطنات تقوم على الاستغلال الاقتصادي للأرض الفلسطينية، ومن أوجه هذا الاستغلال مصادرة مساحات واسعة من الأراضي، وتدمير الممتلكات الفلسطينية لاستخدامها في أغراض إنشائية وزراعية، ونهب الموارد المائية لدرجة أن 600 ألف مستوطن يستهلكون من المياه ستة أضعاف ما يستهلكه سكان الضفة الغربية البالغ عددهم نحو 2.86 مليون نسمة.
ويرى بأن الاحتلال سيزيد من استيلائه على المواقع السياحية والأثرية الفلسطينية، واستغلال المحاجر والمناجم وموارد البحر الميت، وغيرها من الموارد الطبيعية غير المتجددة.
وأشار إلى وجود بنية تحتية متطورة تخدم المستوطنات تتكون من طرق ونقاط تفتيش وجدار فصل عنصري، وهذه أدت إلى تقطيع أوصال الضفة الغربية إلى كانتونات معزولة، والاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية.
ورغم الخطوة الأمريكية بشرعنة المستوطنات، إلا أن أغلب دول العالم ترفض استيراد منتجات المستوطنات باعتبارها غير شرعية، في حين تشترط الدول التي تسمح باستيرادها، بضرورة كتابة وسم "منتج مستوطنات" على البضائع.
وفي هذا السياق، قضت محكمة العدل الأوروبية الثلاثاء الماضي، بإلزام الدول الأعضاء في الاتحاد بوضع ملصق "منتج مستوطنات" على السلع (الإسرائيلية) المنتجة في المستوطنات، وليس ملصق "صنع في (إسرائيل)".
ووافقت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي، في نوفمبر/ تشرين ثانٍ 2015، على وضع ملصقات على منتجات المستوطنات اليهودية، التي يتم تصديرها إلى دول الاتحاد لتمييزها.
ويعتبر الاتحاد الأوروبي المستوطنات "غير شرعية وعقبة في طريق السلام".
ويعد الاستيطان مخالفة صريحة للمبادئ والمواثيق الدولية، والتي كان آخرها القرار رقم (2334) الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 23 كانون أول/ ديسمبر من العام 2017، والذي طالب بوقف فوري وكامل للاستيطان بالضفة والقدس. ورغم صدور مجموعة من القرارات الدولية ضد المشروع الاستيطاني الإسرائيلي، والمطالبة بتفكيك بالمستوطنات ووقف مشاريع توسعتها؛ إلا أن (إسرائيل) ترفض ذلك.
وكان آخر تلك القرارات؛ القرار رقم (2334) الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 23 كانون أول من العام 2016، والذي طالب بوقف فوري وكامل للاستيطان بالضفة والقدس المحتلتين.
وتجدر الإشارة إلى أن اتفاقية "أوسلو" التي وقعتها السلطة مع (إسرائيل)، صنفت الضفة المحتلة إلى ثلاث مناطق: منطقة "أ" وتخضع للسيطرة الأمنية والإدارية الفلسطينية وتبلغ مساحتها 18% من مساحة الإجمالية للضفة، ومنطقة "ب" وتقع مسؤولية النظام العام فيها على عاتق السلطة، وتبقى لـ (إسرائيل) السلطة الكاملة على الأمور الأمنية، وتبلغ مساحتها 18.3% من مساحة الضفة، أما المنطقة "ج" وهي المناطق التي تقع تحت السيطرة الكاملة للاحتلال وتشكل 61% من المساحة الكلية للضفة.