لعل من أهم النقاط التي كشفها تحقيق الجزيرة في عملية حد السيف وسقوط وحدة "سيريت متكال" الإسرائيلية هي دخول عملاء إلى قطاع غزة تحت عنوان إغاثي وطبي.
دون أي اعتبار للقوانين الدولية والإنسانية والأعراف والتقاليد الدولية أدخلت الاستخبارات الإسرائيلية معدات استخدمتها "سيريت متكال" بغطاء مؤسسة "هيوميديكا" الدولية التي تُعنى بتقديم المساعدات الطبية، حيث استغل الاحتلال المؤسسة عبر مديرها "جواو سانتوس" الذي دخل غزة من حاجز (بيت حانون) بجواز سفر برتغالي واستأجر مخازن وضعت فيها أغراض طبية مخبأة فيها مبالغ مالية ومعدات للحفر وغيرها لخدمة الوحدة الإسرائيلية ، بيد أنه اختفى بمجرد الكشف عن الوحدة وهو ما يضع المؤسسة ومديرها في دائرة الاتهام المباشر !!
"هيوميديكا" ورطت نفسها في ردودها الضعيفة غير المقنعة خلال التحقيق الصحفي، بل زعمت أن "سانتوس" عمل متطوعا حتى مطلع عام 2019 فقط ، وطلبت عدم الزج باسمها واسم الموظف في التحقيق الذي عرض أوراقا رسمية تؤكد أن "سانتوس" مدير لها، وهو ما يعطي إرهاصات بتورط المؤسسة أو مديرها أو كليهما في العمل لصالح الاحتلال. لقد كان مطلوبا منها على الأقل إدانة الحادث وتقديم كل المعلومات التي تثبت براءتها وعدم استغلال موظفيها ورفع دعاوى قضائية ضد الاحتلال .
تاريخ الاحتلال حافل بتزوير جوازات سفر مختلفة، واختراق منظمات دولية إغاثية وطبية وغيرها وحتى استغلال موظفين دوليين لتحقيق مصالحه وتنفيذ عمليات خاصة واغتيال قيادات فلسطينية وعلماء عرب ومسلمين في الخارج وما خفي أعظم، لكن "هيوميديكا" فشلت في الدفاع عن نفسها، ما سيؤثر سلبا على سمعتها، ومن حق الشعب الفلسطيني في أي وقت رفع دعاوى قضائية ضدها .
استخدام الاستخبارات الإسرائيلية لمنظمة دولية وموظف أجنبي خرق لكل الاتفاقيات والقوانين الدولية، ويؤكد المؤكد أن لا حدود أو قيود عند الاحتلال من أجل جمع المعلومات عن المقاومة والبيئة المحيطة بها في غزة أو غيرها، ويفرض معادلة جديدة لا بد للجهات الأمنية أن تأخذها بالاعتبار بحيث لا تتهاون مع أي جهة كانت تدخل إلى غزة تحت أي مسمى دولي أو إغاثي أو إنساني والتدقيق في هويتها وعملها ومعداتها ومركباتها وحتى اتصالاتها ضمن إطار القانون والمصلحة الوطنية .
ينبغي على شعبنا ومؤسساته وشرائحه المختلفة أن يساهموا في تحصين المجتمع الفلسطيني والمساهمة في حفظ أمنه، والإبلاغ عن أي شخص مريب أو موقف غريب أو معلومة قد يرونها بسيطة، والصبر على أداء الأجهزة الأمنية ودعمها وإسنادها بكل ما يستطيعون.
كلمة أخيرة.. إن المقاومة التي وصلت بتحقيقاتها الأمنية وتقنيتها المتطورة وعقولها الفذة إلى "هيو ميديكا" و" سانتوس" قادرة على فضح وكنس المشفى الدولي الميداني الذي يُقام شمال قطاع غزة إن ثبت قيامه بأي عمل استخباري ، فالمقاومة وقيادتها هما الأحرص على الوطن .